اخبار العرب من المحيط للخليج اخبار العرب من المحيط للخليج
في أعقاب القصف الدموي الذي استهدف مستشفى ناصر الطبي في قطاع غزة، شهدت الساحة الإسرائيلية ارتباكًا واضحًا وتضاربًا في المواقف والتصريحات الرسمية. ففي الوقت الذي خرج فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محاولًا امتصاص الغضب الدولي بتقديم ما يشبه الاعتذار غير المباشر، سعى بعض الجنود والقيادات العسكرية إلى التأكيد على أن ما جرى لم يكن نتيجة خطأ فردي، بل جاء في إطار عملية عسكرية قالوا إنها “منسقة” ومخطط لها مسبقًا. هذا التباين في الخطاب الرسمي فتح الباب أمام تساؤلات حادة حول حقيقة ما جرى، وحول مدى التزام الجيش الإسرائيلي بالقوانين الدولية التي تحظر استهداف المرافق الطبية.
المشهد ازداد غموضًا بعدما أظهرت بعض التقارير الميدانية أن المستشفى كان يضم مئات الجرحى والمرضى إلى جانب الطواقم الطبية، وهو ما يجعل من القصف جريمة مكتملة الأركان بحسب توصيف منظمات حقوقية. ورغم محاولات الحكومة الإسرائيلية تحميل المسؤولية لأطراف أخرى، إلا أن الصور القادمة من غزة أثبتت بما لا يدع مجالًا للشك أن المستشفى تعرض لتدمير مباشر أودى بحياة العديد من المدنيين.
الشارع الإسرائيلي نفسه بدا منقسمًا؛ فبينما طالب البعض بضرورة التزام الجيش بمعايير أكثر صرامة لتجنب الحرج الدولي، خرجت أصوات أخرى تدافع عن العمليات معتبرة أنها جزء من “الحرب على حماس”، حتى لو كان الثمن سقوط مدنيين. هذا الانقسام انعكس بوضوح في الإعلام الإسرائيلي الذي تناول الحادثة بوجهات نظر متباينة.
على الصعيد الدولي، لم تفلح محاولات نتنياهو في التخفيف من وقع الصدمة، إذ صدرت إدانات واسعة من منظمات حقوقية ودول أوروبية اعتبرت أن الاعتذار لا يكفي، وأن الأمر يحتاج إلى مساءلة حقيقية أمام محاكم دولية.
وبين التبرير والاعتذار، يبقى القصف دليلاً إضافيًا على حجم المأساة الإنسانية في غزة، وعلى غياب أي خطوط حمراء لدى آلة الحرب الإسرائيلية. هذه الواقعة أعادت طرح السؤال الأهم: إلى متى سيظل المجتمع الدولي يتعامل مع هذه الجرائم كأحداث عابرة دون محاسبة؟
وفي النهاية، يبدو أن الرواية الإسرائيلية المتناقضة ليست سوى انعكاس لحالة مأزومة تحاول من خلالها القيادة الإسرائيلية النجاة من الملاحقة الدولية، لكن آثار المجزرة باقية وموثقة بالصور والشهادات.
