شهدت العاصمة السورية دمشق لقاءً غير مسبوق جمع ممثلين عن إسرائيل وتركيا تحت وساطة سورية، في محاولة لاحتواء التوترات الإقليمية المتصاعدة، إلا أن هذا اللقاء الثلاثي الأول من نوعه انتهى دون تحقيق أي تقدم ملموس، وفقًا لمصادر مطلعة.
جاءت هذه المفاوضات السرية في إطار مساعي سورية لعبور دور الوسيط الإقليمي، حيث سعت إلى تقريب وجهات النظر بين أنقرة وتل أبيب حول عدد من الملفات الشائكة، أبرزها أزمة المياه والأمن الإقليمي ومستقبل العلاقات الثلاثية. لكن المصادر أوضحت أن الجلسة الافتتاحية شهدت توترًا واضحًا وتبادل اتهامات بين الجانبين التركي والإسرائيلي، مما أدى إلى تعثر المحادثات منذ البداية.
ويعد هذا اللقاء محاولة أولى من نوعها لتجميع هذه الأطراف الثلاثة على طاولة واحدة، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية كبيرة. فقد حاول الجانب السوري استغلال تحسن علاقاته النسبي مع تركيا في الفترة الأخيرة، وكذلك خطوط التواصل غير المباشرة مع إسرائيل، لدفع عملية تقارب إقليمي قد تخفف من العزلة الدولية التي تعاني منها دمشق.
من جهتها، أصرت إسرائيل خلال اللقاء على مناقشة ملف أمن حدودها الشمالية أولاً، بما في ذلك الملف الإيراني والميليشيات المسلحة في سوريا، بينما ركز الجانب التركي على قضية المياه وأزمة نهر الفرات، بالإضافة إلى وضع المعارضة السورية في إدلب. أما سوريا، فقد حاولت لعب دور الوسيط مع تقديم مطالبها الخاصة المتعلقة بمسألة إعادة الإعمار ورفع العقوبات الدولية.
المراقبون يرون أن فشل هذا اللقاء يعكس عمق الخلافات بين الأطراف الثلاثة، وصعوبة تحقيق أي تقارب في الظروف الحالية، خاصة مع استمرار الملف الإيراني كعقبة كأداء في وجه أي تفاهم تركي-إسرائيلي. كما أن الوضع الداخلي في سوريا ما زال يشكل نقطة خلاف رئيسية بين أنقرة وتل أبيب، رغم محاولة دمشق لعب دور الجسر بينهما.
يذكر أن هذه المحاولة تأتي في سياق متغيرات إقليمية كبيرة، تشمل التقارب التركي-الإسرائيلي النسبي في الآونة الأخيرة، وكذلك التطورات المتعلقة بالمصالحة العربية مع سوريا. لكن فشل اللقاء الأول يشير إلى أن الطريق نحو أي تفاهم ثلاثي سيحتاج إلى وقت أطول ومزيد من الجهد الدبلوماسي، في وقت لا تزال فيه القضايا الجوهرية عالقة دون حلول.