في تحليلٍ موسعٍ للكاتب محمود سلطان على منصة الجزيرة نت، يُبرز الدور الاستراتيجي لأسرى المقاومة الفلسطينية في إحداث شرخٍ داخل المنظومة الإسرائيلية، حيث يؤكد أن وجود الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس شكّل عاملاً محورياً في تفجير الانقسامات الداخلية الإسرائيلية حول ممارسات جيش الاحتلال. ويرى الكاتب أن المجتمع الإسرائيلي، الذي يُصوَّر غالباً ككتلةٍ متجانسةٍ داعمةٍ للحرب، لم يكن ليشهد هذه الموجة من الاحتجاجات الداخلية لولا امتلاك المقاومة ورقة الأسرى التي فرضت منطقاً تفاوضياً مختلفاً على دولةٍ ترفض الاعتراف بكل أشكال الحقوق الفلسطينية إلا تحت لغة القوة.
ويوضح التحليل أن الاحتجاجات الإسرائيلية، وإن كانت محدودة التأثير على القرار السياسي، إلا أنها كشفت هشاشة الرواية الرسمية التي تروج لـ”الوحدة الوطنية” خلف الجيش، حيث أدت عمليات تبادل الأسرى السابقة – خاصة صفقة شاليط عام 2011 – إلى كسر حاجز التابوهات الإسرائيلية بخصوص التفاوض مع حركات المقاومة. ويربط الكاتب بين الضغط الشعبي المتراكم بسبب ملف الأسرى والتصعيد العسكري الأخير، مشيراً إلى أن المقاومة استطاعت عبر هذه الورقة تحويل الأسرى إلى “رافعة أخلاقية” تعري انتهاكات الاحتلال، حتى أمام الرأي العام الإسرائيلي الذي بات يرى في استمرار الحرب تهديداً وجودياً لحياة أبنائه المأسورين.
كما يلفت التحليل إلى أن حركة حماس، عبر إدارة ملف الأسرى ببراغماتية، نجحت في تعطيل الآلة الإعلامية الإسرائيلية التي تسعى لتسويق جرائمها كـ”دفاع عن النفس”، حيث حوّلت المعركة من مواجهة عسكرية غير متكافئة إلى صراع إرادات تتداخل فيه الحسابات الأمنية بالضغوط المجتمعية. ويرى الكاتب أن هذا النموذج أعاد إنتاج أشكال المقاومة الفلسطينية بمنطقٍ يفرض على الاحتلال دفع ثمن سياسي داخلي لكل جريمة يرتكبها، مما قد يفتح الباب أمام تحولاتٍ في موازين القوى على المدى البعيد.