تشهد مناطق شمال غرب مدينة غزة أزمة مياه حادة وغير مسبوقة، حيث يعاني السكان من نقص شديد في المياه الصالحة للشرب والاستخدامات اليومية، في ظل استمرار الحرب الدائرة في القطاع وإغلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي للمعابر التي كانت تعد شريان الحياة الأساسي لتوفير الاحتياجات الأساسية. هذه الأزمة المائية الخانقة أجبرت الأهالي على الانتظار لساعات طويلة في طوابير طويلة للحصول على كميات قليلة من المياه التي بالكاد تكفي لتلبية الاحتياجات الضرورية، مما يزيد من معاناة السكان ويعمق الأزمة الإنسانية التي يمر بها القطاع.
تأتي هذه الأزمة في ظل ظروف استثنائية يعيشها قطاع غزة، حيث تسببت العمليات العسكرية المستمرة في تدمير البنية التحتية للمياه وشبكات التوزيع، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي المتكرر الذي يؤثر بشكل مباشر على عمل محطات ضخ المياه ومحطات المعالجة. كما أدى إغلاق المعابر من قبل الاحتلال إلى منع دخول المواد والمعدات اللازمة لصيانة وتأهيل شبكات المياه، مما زاد من تفاقم الوضع وأدى إلى تدهور جودة المياه المتوفرة، ما يهدد صحة السكان ويزيد من مخاطر انتشار الأمراض المرتبطة بنقص المياه النظيفة.
ويعاني سكان شمال غرب غزة بشكل خاص من هذا النقص الحاد في المياه، حيث تعد هذه المنطقة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان، وتفتقر إلى مصادر مياه بديلة، مما جعلهم يعتمدون بشكل كامل على المياه التي تصل إليهم عبر محطات التوزيع المحدودة أو من خلال شراء المياه من مصادر خاصة بأسعار مرتفعة. ويؤكد الأهالي أن الطوابير الطويلة التي يضطرون للوقوف فيها يوميًا للحصول على كميات قليلة من المياه أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية، حيث يواجهون صعوبات كبيرة في تأمين حاجاتهم الأساسية، خاصة الأسر التي تضم أطفالًا وكبار سن.
وتعكس هذه الأزمة المائية حجم التحديات الإنسانية التي تواجهها غزة نتيجة استمرار الحصار والحرب، حيث تتداخل الأزمات لتشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة المدنيين، وتزيد من معاناتهم اليومية. ويشير خبراء إلى أن استمرار انقطاع المياه لفترات طويلة قد يؤدي إلى أزمات صحية خطيرة، خاصة مع تفشي الأمراض المرتبطة بنقص المياه النظيفة، مما يستدعي تدخلًا عاجلًا من الجهات الدولية والمنظمات الإنسانية لتوفير الدعم اللازم وإيجاد حلول مستدامة لهذه الأزمة.
في ظل هذه الظروف، يطالب السكان والمراقبون المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه حماية المدنيين في قطاع غزة، والعمل على فتح المعابر بشكل عاجل للسماح بدخول المواد الضرورية لصيانة شبكات المياه وتوفير المياه الصالحة للشرب. كما يدعون إلى الضغط على جميع الأطراف لوقف التصعيد العسكري وفتح المجال أمام جهود الإغاثة الإنسانية التي يمكن أن تخفف من معاناة السكان وتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية.
تظل أزمة المياه في شمال غرب غزة واحدة من أبرز التحديات التي تواجه السكان في ظل استمرار الحرب والحصار، وهي أزمة تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لإيجاد حلول عاجلة ومستدامة تضمن توفير المياه النظيفة والصحية لجميع سكان القطاع، وتحسين ظروف حياتهم في واحدة من أصعب الفترات التي يمر بها الشعب الفلسطيني.