في تصريحات حادة أثارت جدلاً واسعاً على الساحة الدولية، وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تجارة السيارات بين الولايات المتحدة واليابان بأنها “غير عادلة” بشكل صارخ، مؤكداً أن الولايات المتحدة تستورد ملايين السيارات من اليابان سنوياً بينما لا تقوم اليابان بشراء سيارات أميركية بالمقابل، وهو ما يفاقم العجز التجاري الأمريكي مع طوكيو بشكل كبير. وأوضح ترامب خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز أن هذا الوضع التجاري غير المتوازن لا يمكن أن يستمر، مشدداً على ضرورة تصحيح هذه الممارسات من خلال زيادة واردات اليابان من النفط والعديد من السلع الأميركية الأخرى، في محاولة لتقليل الفجوة الكبيرة في الميزان التجاري بين البلدين.
تأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة واليابان توتراً متزايداً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها واشنطن على السيارات اليابانية بنسبة 25%، والتي أثرت بشكل سلبي على قطاع صناعة السيارات في اليابان. وتواجه اليابان تهديداً بفرض رسوم جمركية متبادلة بنسبة 24% اعتباراً من التاسع من يوليو إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري خلال الأيام المقبلة، مما يزيد من الضغوط على طوكيو لإيجاد حلول عاجلة تحافظ على مصالحها الاقتصادية.
ويشكل قطاع السيارات حوالي 28% من إجمالي صادرات اليابان إلى الولايات المتحدة، حيث بلغت قيمة هذه الصادرات نحو 21 تريليون ين ياباني، ما يعادل حوالي 145 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو رقم ضخم يعكس أهمية هذا القطاع الحيوي للاقتصاد الياباني. ويؤكد ترامب أن هذا التفاوت الكبير في التبادل التجاري يعكس عدم عدالة في التعامل التجاري بين البلدين، مطالباً اليابان بأن تتخذ خطوات جادة لزيادة استيراد النفط والسلع الأميركية الأخرى لتعويض هذا العجز.
من جانبها، تسعى الحكومة اليابانية جاهدة لإقناع واشنطن بإعفاء شركات صناعة السيارات اليابانية من الرسوم الجمركية المفروضة، معتبرة أن هذه الرسوم تهدد استقرار قطاع التصنيع وتؤثر على فرص العمل في اليابان. كما تحاول طوكيو تقديم تنازلات من خلال توسيع الاستثمارات في صناعة السيارات داخل الولايات المتحدة وتعزيز التعاون في مجالات أخرى مثل بناء السفن، في محاولة لكسب دعم واشنطن وتجنب تصعيد النزاع التجاري.
وتأتي هذه التطورات وسط محادثات تجارية مكثفة بين كبار المفاوضين من الجانبين، حيث لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق نهائي، مما يثير مخاوف من استمرار فرض الرسوم الجمركية وتأثيرها السلبي على العلاقات الاقتصادية بين أكبر اقتصادين في العالم. ويعكس هذا الوضع تعقيدات التوازن التجاري بين الدول الكبرى، حيث تتصارع المصالح الاقتصادية والسياسية في محاولة لتحقيق مكاسب استراتيجية.
وفي ظل هذه الأجواء المتوترة، يؤكد ترامب على أن الولايات المتحدة تمتلك فائضاً كبيراً من النفط يمكن لليابان استيراده بكميات كبيرة، وهو ما يمثل جزءاً من الحلول التي يمكن أن تساعد في تقليص العجز التجاري. كما دعا إلى زيادة واردات اليابان من السلع الأميركية الأخرى، معتبراً أن هذا التوجه سيسهم في تحقيق توازن أكثر عدالة في العلاقات التجارية بين البلدين.
في المجمل، تعكس تصريحات الرئيس الأمريكي التوترات المتصاعدة في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة واليابان، خاصة في قطاع السيارات الذي يمثل نقطة خلاف رئيسية. وتبرز أهمية التوصل إلى اتفاق تجاري متوازن يحفظ مصالح الطرفين، ويجنب الأسواق العالمية تداعيات النزاعات التجارية التي قد تؤثر على النمو الاقتصادي والاستقرار الدولي. وتبقى الأنظار متجهة إلى المفاوضات القادمة التي قد تحدد مستقبل العلاقة الاقتصادية بين هاتين القوتين الاقتصاديتين.