[ad_1]
شح الدولار يتفاقم.. وهذا ما تفعله المصارف في لبنان
يشهد اقتصاد لبنان أسوأ أزمة له منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، حيث أدى تراجع النمو وتباطؤ تدفقات الأموال من الخارج إلى شح في الدولار وضغوط على الليرة اللبنانية المحُدد سعر صرفها بالدولار.
وعلى الرغم من تطمينات حميمية من المصارف، السبت، حيث قال رئيس جمعية مصارف لبنان، سليم صفير، في مؤتمر صحافي، إن “أموال المودعين محفوظة ولا داعي للهلع”، إلا أن القلق ما زال سائداً في الشارع لا سيما امتناع المصارف عن رفع سقف السحوبات بالدولار.
ويعاني القطاع المصرفي من “تراجع” قيمة الاحتياطات بالعملة الصعبة بسبب تراكم الأزمات السياسية وارتفاع خدمة الدين، فضلاً عن “هروب” بعض الودائع إلى الخارج نتيجة غياب الاستقرار السياسي.
يُضاف إلى ذلك عوامل عدة، منها تراجع قيمة التحويلات بالدولار من اللبنانيين المغتربين لأسباب عدة، وتراجع القطاع السياحي بسبب الأوضاع السياسية والأمنية غير المستقرة، وهروب المستثمرين بسبب الأزمات السياسية المتتالية، فضلاً عن تراجع الدورة الاقتصادية وارتفاع نسبة الاستيراد مقابل الصادرات.
كل هذا التراجع في قيمة الاحتياطات بالدولار دفع مصرف لبنان إلى اتخاذ سلسلة إجراءات لحماية موجوداته بالعملة الخضراء التي أدى شحها منذ أشهر إلى بروز أزمات معيشية عدة بدءاً من الخبز والطحين مروراً بالبنزين وهي مواد أولية يستوردها لبنان بالعملة الأجنبية.
تراجع الموجودات بالدولار
هذا التراجع في الدولار في السوق اللبناني انعكس مباشرةً على تعامل اللبنايين مع المصارف. ويأتي في السياق ما حصل مع الطبيب بلال كرامي، الذي ضج لبنان قبل أيام بفيديو له حين توجّه إلى أحد المصارف لتسديد دفعة شهرية من القرض بالليرة اللبنانية، فحصل هرج ومرج مع إدارة المصرف التي رفضت ذلك.
كما أوضح بلال وهو طبيب في قسم الطوارئ في مستشفيات عدة شمال البلاد، لـ”العربية.نت”: “توجهت إلى أحد المصارف في مدينة طرابلس لتسديد قسط بالليرة اللبنانية من قرض بالدولار، غير أن إدارة المصرف اعترضت على ذلك وأصرّت على أن أسدده بالدولار فرفضت ذلك لأن راتبي بالليرة ولست مضطراً لأن أشتري دولارا من الصراف بقيمة أعلى من السعر الرسمي (يتراوح بين 15.15 و15.18)، لأن المصرف أوقف عملية التحويلات من الليرة إلى الدولار بسبب أزمة شح العملة الخضراء”.
وتابع: “الشهر الماضي “تفهّم” المصرف وضعي الذي يُشبه وضع الكثير من الزبائن، فسمح لي بأن أسدد القسط بالليرة، لكنه اتفق مع صراف محدد بأن يُعطيني الدولار بسعر 1650، لكن ما حصل أن المصرف ونتيجة الأوضاع المستجدة منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية عدل عن هذا الاتفاق وطلب مني أن أحضر الدولار بنفسي من الصرافين لأسدد القرض، إلا أنني رفضت ذلك واستخدمت موقع فيسبوك لنشر ما حصل معي. عندها سارعت إدارة المصرف إلى تدارك الوضع وسمحت لي بتسديد القسط بالليرة اللبنانية لكن وفق سعر صرف الدولار 15.25″.
إلى ذلك أعلن أنه سيوقف تعامله مع المصرف ويُسدد الأقساط المتبقية عليه دفعة واحدة وبالليرة اللبنانية كي لا يتكرر معه ذلك كل شهر، لافتاً: “حتى التحويلات من الخارج نتقاضاها بالليرة اللبنانية، وهذا ما حصل مع والدتي التي أرسل لها شقيقي من الإمارات مبلغاً بالدولار غير أن شركة التحويل OMT صرفتها لها بالليرة اللبنانية وفق سعر 1510”.
وعلى وقع أزمة شح الدولار في السوق اللبناني، أصدرت جمعية المصارف في 30 سبتمبر/أيلول 2019 وبتمنٍّ من حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، تعميماً حمل الرقم 391/2019 دعت فيه إدارات المصارف اللبنانية إلى التعاون مع صغار المقترضين بالعملات (Retail Loans) لتسوية قروضهم بالليرة إذا كانت مداخيلهم بالليرة.
تعاقد بين العميل والمصرف
وعن مدى قانونية الإجراءات المصرفية التي اتخذتها المصارف تجاه زبائنها، أوضح رئيس منظمة “جوستيسيا” الحقوقية، المحامي بول مرقص، لـ”العربية.نت”، أن “هناك مبدأ عاما منصوصا عليه في قانون النقد والتسليف، لا سيما المادتين 7 و92، الذي يتعلق بالتسديد بالعملة الوطنية على اعتبار أنه “مُبرئ” للمقترض، كذلك المادة 301 من قانون موجبات العقود، لكن في ما ينطبق على العمل المصرفي تحديداً هناك تعاقد بين العميل والمصرف يُحدد موضوع هذا العقد، وبالتالي يكون المصرف قد سلّف عميله مبلغاً من المال وفقاً لهذا الموضوع، لذلك تنطبق عليه أحكام خاصة ولا ينطبق هذا المبدأ العام بإطلاقيته”.
كما أشار مرقص إلى أنه “بسبب العلاقة التعاقدية القائمة مسبقاً وبسبب صرف التسهيلات المصرفية بعملة معينة، يكون على المصرف أن يتوخى أصول وشروط التسليف المحددة بالقرار الأساسي رقم 10439 تاريخ 17 أيار/مايو 2010 الصادر عن مصرف لبنان والذي يُلزم في المادة العاشرة منه المصرف بتحديد عملة التسليف، لذلك ترد الأموال بالعملة ذاتها”.
وأضاف: “الاجتهاد القضائي اعتبر أنه وبحسب المادة 299 من قانون الموجبات والعقود، يجب إيفاء الشيء المستحق ذاته ولا يُجبر الدائن (أي المصرف) على قبول غيره حتى وإن كان أعلى قيمة منه. كذلك اعتبر الاجتهاد أن المتعاقدين أحرار في اشتراط الإيفاء بعملة أجنبية، وأن المادة 301 من قانون موجبات العقود لا تمنع حصول تعاقد في العملة الأجنبية، وبالتالي فإن المتعاقدين أحرار في اشتراط الإيفاء بالعملة. لذلك احتراماً لحرية التعاقد في النظام الاقتصادي الحرّ الليبرالي الذي يمتاز به لبنان، التحويلات المصرفية المعطاة بالدولار الاميركي تسدد بالعملة نفسها”.
تقنين التحويلات المصرفية
وكانت التحويلات من الليرة اللبنانية إلى الدولار تتم بطريقة مرنة وسهلة من دون عوائق، غير أنه ونتيجة للأزمة الاقتصادية بدأت المصارف تضع قيوداً على هذه التحويلات من أجل المحافظة على العملة الخضراء ومنع “استنزافها” لمصلحة دول خارجية.
ومن الإجراءات التي اتخذتها المصارف منذ أشهر بسبب أزمة شح الدولار التعميم على فروعها بعدم إيداع الدولارات في أجهزة الصراف الآلي كافة، بل الاكتفاء حصراً بإيداع السيولة فيها بالعملة اللبنانية، وإجبار العملاء على السحب بالليرة حتى في حال كان حسابهم المصرفي بالدولار، علماً أن عمليات السحب النقدي الفردية للعملاء من داخل البنك، ما زالت ممكنة بالدولار لكن بمبالغ محدودة جداً.
إلى ذلك، كانت استحقاقات القروض تُسدد بطريقة “مرنة” بحيث كان لصاحب القرض الحق بتسديده بالعملة التي يريدها، لكن هذا الوضع تبدل فأصبح تسديد قرض الدولار فقط بالدولار واللبناني بالليرة اللبنانية وكان سعر صرف الدولار موحّداً داخل المصرف وخارجه. لكن إذا كان القرض بالدولار وصاحبه يتقاضى راتباً بالليرة اللبنانية، فعليه التوجه إلى الصراف للحصول على الدولار لتسديده، وفق السعر المُحدد من قبل الصراف.
كما وضعت المصارف عمولة على السحوبات بالدولار تتراوح بين 5 و10 بالألف وعلى صرف الشيكات أيضاً، وعلى التحويلات الخارجية التي كانت تتم إلكترونياً وعبر تطبيق البنك، إلا أن الوضع تبدّل الآن وبات على من يريد إجراء عملية تحويل خاريجة أن يُقدّم للمصرف تبريراً بذلك.
قيود على حركة رؤوس الأموال
من جهته، توقع مصدر مصرفي أن “يُتّخذ في الأيام المقبلة إجراءات مصرفية أخرى قد يكون سقفها وضع قيود على حركة رؤوس الأموال”.
ولفت المصدر لـ”العربية.نت” إلى أن “أولوية دعم الدولة لمنع إفلاسها تتفوق على أي أمور أخرى، لأن سعر صرف الليرة يُحدد حسب سعر الدولار، وهناك استحقاقان مقبلان بالدولار لخدمة الدين العام سيدفعهما المصرف المركزي، ما يعني أن الطلب على الدولار يرتفع”.
كما كشف أن “الاحتياطي من الدولار الأميركي في لبنان يبلغ 38.2 مليار منهم 32.1 دولار احتياطي قابل للاستخدام”.
حملة تخويف وافتراء
من جانبه، قال رئيس قسم الأبحاث والدراسات في “بنك بيبلوس”، أحد كبار المصارف في لبنان، الخبير الاقتصادي نسيب غبريل، لـ”العربية.نت”، إن “هناك حملة “تخويف” للناس عبر ضخ الشائعات بهدف “الافتراء” على القطاع المصرفي ومصرف لبنان لحرف الأنظار عن السبب الرئيسي للأزمة وهو استخفاف الطبقة السياسية والأحزاب بالأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية في البلاد”.
وأكد غبريل: “إننا في أزمة ثقة بين المواطن اللبناني والقطاع الخاص من جهة والسلطة والأحزاب السياسية من جهة ثانية، ومن السهل معالجة هذه الأزمة بمجرد أن تتحمل هذه السلطة مسؤوليتها أولاً عبر المسارعة في تشكيل حكومة اختصاصيين هدفها استعادة ثقة الناس والقطاع الخاص بمؤسسات الدولة”.
كما لفت إلى أن “الإجراءات التي اتخذتها المصارف اللبنانية منذ بدء أزمة الدولار سببها الرئيسي فقدان الثقة التي أشرت إليها ونحن الآن في مرحلة انتقالية مؤقتة تتحمل مسؤوليتها السلطة السياسية، والقطاع المصرفي بشقيه، مصرف لبنان والمصارف التجارية، يتحمل منذ 25 عاماً مسؤولية الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي والاجتماعي، فحان الوقت اليوم كي تتحمل الطبقة السياسية ولو جزءاً من هذه المسؤولية”.
إعلانات
الأكثر قراءة
-
كشف هوية أحد المتورطين في تفجير الطائرة الروسية فوق
-
تفاصيل جديدة عن فتاة التريند بمصر.. وسواس وجثة بالنيل
-
الأرصاد السعودية تحذر.. أمطار رعدية على 6 مناطق
-
“أرامكو” السعودية تعلن نشرة الإصدار.. وبدء الاكتتاب
-
فيديو لمغربية تقبّل يد إيفانكا وآخر تدافع فيه عن القبلة
-
كل ما تود معرفته عن هاتف آيفون 12 المنتظر في 2020
[ad_2]