ادعى القضاء اللبناني، الأربعاء، على رئيس الوزراء الأسبق، نجيب ميقاتي، وابنه وشقيقه وعلى بنك عودة بتهمة “الإثراء غير المشروع”، بحسب ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، في تدبير يأتي في خضم تظاهرات كبرى تجتاح البلاد ضد فساد الطبقة السياسية.

كما أوردت الوكالة أن النائب العام الاستئنافية في جبل لبنان، القاضية غادة عون، “ادعت على ميقاتي وابنه ماهر وشقيقه طه وبنك عودة بجرم الإثراء غير المشروع عن طريق حصولهم على قروض سكنية مدعومة، وأحالتهم أمام قاضي التحقيق الأول للتحقيق معهم”.

ميقاتي وعودة ينفيان

في المقابل، نفى ميقاتي الاتهامات التي وجهتها له النيابة العامة “بالإثراء غير المشروع”، حسبما ذكر مستشاره الإعلامي الذي قال إن القضية لها دوافع سياسية.

وأضاف مستشار ميقاتي أن القروض كانت تجارية بحتة ووفقا للوائح المصرف المركزي وجاءت ردا على انتقاد ميقاتي للرئيس اللبناني ميشال عون وتأييده للاحتجاجات التي تستهدفه وحكومته.

بدوره نفى البنك اللبناني الشهير في بيان صحة الاتهامات، مشدداً على عدم تدخله بأي عمل متعلّق بإثراء غير مشروع حسب ما ورد في ادعاء النيابة العامة.

وأكد التزامه في العقود موضوع الادعاء وفي سائر العقود والمعاملات، بالقوانين والأنظمة والتعاميم دون أي مخالفة، مشددا على أنه تحت سقف القانون.

من احتجاجات صور الأربعاء

من أكبر أثرياء لبنان

ويعدّ الشقيقان ميقاتي وهما من مدينة طرابلس شمالاً من أكبر أثرياء لبنان. وأدرجتهما مجلة “فوربس” الأميركية في قائمتها لأثرياء العالم لعام 2019، مقدرة ثروتهما بخمسة مليارات دولار يتقاسمونها مناصفة.

وجاء هذا الإجراء النادر من نوعه في لبنان بعد يومين من إقرار حكومة سعد الحريري رزمة إصلاحات تضمنت إعداد مشروع قانون لاستعادة الأموال المنهوبة، وإقرار قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمحاربة الفساد قبل نهاية العام في محاولة، لاحتواء غضب الشارع الناقم على الفساد والهدر.

وفي تموز/يوليو 2018، أفادت وسائل إعلام محلية عن وجود وثائق تبين حصول متمولين على قروض من مصارف مدعومة من المصرف المركزي اللبناني بملايين الدولارات على أنها قروض إسكانية. وحصل ميقاتي بين عامي 2010 و2013 على تسعة منها منحها له بنك عودة.

“أكاذيب بهدف التشهير السياسي”

ونفت مجموعة ميقاتي التجارية في بيان حينها الاتهامات. وقال إنها “أكاذيب بهدف التشهير السياسي للإيحاء بأننا ممن يتحملون المسؤولية عن أزمة قروض الإسكان الحالية”.

كما أوضحت أنها “لم تستحصل قروضا من المؤسسة العامة للإسكان، أو من مصرف الإسكان، لا في السابق ولا حاضراً، وبالتالي فلا علاقة لنا مباشرة أو غير مباشرة بأزمة القروض السكنية”.

كذلك تزامنت الاتهامات حينها مع أزمة قروض سكنية لا تزال مستمرة في البلاد، جراء توقف المؤسسة العامة للإسكان عن منح قروض مدعومة نتيجة لتآكل الاحتياطي الإلزامي للمصارف التجارية في فترة قصيرة، عدا عن الخلاف بين المصارف التجارية والمصرف المركزي على قيمة فوائد القروض المدعومة.

وتمنح هذه المؤسسة ذوي الدخل المحدود والمتوسط قروضاً متوسطة وطويلة الأجل بفوائد منخفضة تخولهم شراء شقق سكنية، إلا أنها منذ نحو عامين توقفت عن منح أي قروض جديدة، ما جعل آلاف اللبنانيين عاجزين عن شراء منازل.

من احتجاجات صور الأربعاء

وكان حاكم المصرف المركزي، رياض سلامة، قد قال في مقابلة تلفزيونية في كانون الثاني/يناير الماضي إن القروض التي تم منحها للسياسيين “ليس لها أي علاقة بالمؤسسة العامة للإسكان وهي من الاحتياطي الإلزامي للمصارف أي أموالها الخاصة، وليس لمصرف لبنان علاقة بها”.

وخلال التظاهرات الحاشدة التي يشهدها لبنان منذ أسبوع، رفع المتظاهرون شعارات عدة تطالب بإعادة العمل بقروض الإسكان.

عناصر من الجيش اللبناني في صيدا بعد محاولة فتح الطرقات (23 أكتوبر فرانس برس)

من وسط بيروت (22 أكتوبر – رويترز)

وتضمنت الإصلاحات الجذرية التي أعلنتها الحكومة، الاثنين، “تخصيص مبلغ 160 مليون دولار لدعم القروض السكنية”.

ويشهد لبنان منذ ليل الخميس تظاهرات حاشدة غير مسبوقة في تاريخ البلاد على خلفية قضايا معيشية ومطلبية، يشارك فيه عشرات الآلاف من المواطنين من مختلف الأعمار من شمال البلاد حتى جنوبها مروراً ببيروت.

ويطالب المتظاهرون الذين يقطعون الطرق الرئيسية في البلاد برحيل الطبقة السياسية. وحاول الجيش فتح الطرق بالقوة الأربعاء في بعض المناطق، إلا أنه اصطدم في نقاط عدة برفض المتظاهرين الذين لا يزالون يتجمعون في نقاط عدة موزعة على أنحاء البلاد.