فرضت وزارة الخزانة الأميركية مؤخراً عقوبات على إحدى الشركات، التي تتخذ تركيا مقراً لها، وتعمل ضمن شبكة عالمية متورطة في أنشطة فساد وغسيل أموال، يديرها الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو.

وبحسب ما جاء في مقال أيكان إرديمير، كبير باحثين في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنقرة في مسار تصادم مع واشنطن على جبهة أخرى منذ أصبح مؤيداً رئيسياً أيضاً لنظام مادورو في عام 2017، بعدما سبق أن ساهم في تسهيل خطط التهرب من العقوبات الأميركية ضد إيران، وبما جعله على رأس جدول أعمال الخطط الأميركية لإحباط طموحات طهران النووية بين عامي 2012 و2014.

ذهب فنزويلا في تركيا

أدرج مكتب الرقابة على الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية بروجيه ياتيريم مالك شركة مالبيري، في القائمة السوداء على إثر تسهيله دفع مبالغ لـ”شبكة فساد تتولى بيع ذهب (فنزويلا) في تركيا“.

إن ياتيريم مالك شركة مالبيري هو شريك أليكس نايين صعب موران، الكولومبي الجنسية، والذي قام بغسل مئات الملايين من الدولارات لصالح مادورو منذ عام 2009، من خلال استغلال برنامج دعم الغذاء الفنزويلي عبر اللجان المحلية للإمداد والإنتاج CLAP .

التربح من المتضورين جوعاً

كما اتهمت وزارة الخزانة شركة مالبيرى بشراء المواد الغذائية في تركيا، نيابة عن العملاء الفنزويليين ورفع الأسعار قبل بيعها لفنزويلا. وأدانت الخزانة الأميركية قيام صعب وشركاه بـ”التربح من الجوع”.

ولا يعد إدراج شركة تركية في القائمة السوداء في إطار العقوبات ذات الصلة بفنزويلا أمراً مفاجئاً، إذ قال الممثل الخاص لوزارة الخارجية لفنزويلا، إليوت أبرامز، في كلمة أمام لجنة مؤسسة الدفاع عن الديمقراطياتFDD، في اليوم السابق من إعلان فرض العقوبات: “إن فنزويلا تضطر إلى التعامل مع أماكن مستعدة لتجارة الذهب بشكل غير قانوني، أي تركيا وإيران”.

تحذيرات سابقة لأنقرة

وفي شهر يناير، حذر مارشال بيلينغسلي، مساعد وزير الخزانة الأميركي لمكافحة تمويل الإرهاب، قائلاً: “يجري التحقق من طبيعة النشاط التجاري التركي-الفنزويلي، وإذا ثبت القيام بانتهاك لعقوباتنا (الخزانة الأميركية)، فسيتم اتخاذ اللازم”. جاء هذا التحذير بعد وقت قصير من زيارة لتركيا قام بها طارق العيسمي، وزير الصناعة والإنتاج الوطني في فنزويلا، المعروف بصلاته بإيران وحزب الله. وأدرجت الخزانة الأميركية العيسمي في قوائمها السوداء عام 2017 “للعبه دوراً مهماً في تهريب المخدرات دوليا”.

نهب ثروات فنزويلا

وتعد شركة مالبيري مجرد غيض من شبكة نظام مادورو غير المشروعة في تركيا، حيث قام شركاء حكوميون فنزويليون، منذ عام 2017 وبتشجيع من أردوغان، بإنشاء العديد من الشركات، التي تستخدم كواجهة لأنشطة غير قانونية، في تركيا. استوردت شركة “سارديس”، ومقرها إسطنبول برأسمال قدره مليون دولار فقط، ذهبا فنزويليا تصل قيمته إلى 900 مليون دولار في عام 2018.

شركات وهمية

وأنشأت شركة “مينيرفين” التابعة للحكومة الفنزويلية، التي تقوم بالتنقيب عن الذهب، مشروعاً مشتركاً للذهب يدعى “ميبيتورفين” مع الشركة التركية الغامضة ماريلينز بروجيه ياتيريم، التي تحمل نفس عنوان شركة “مالبيرى”. وبالمثل، فإن نصيب شركة “جروبو افيكس آنسات”، وهي شركة تركية صغيرة ذات صلة بمادورو، ويقدر رأسمالها بـ1775 دولاراً فقط، ولا تمتلك أي مصافي نفط، وصل إلى 8% من صادرات النفط الفنزويلي في أبريل 2019.

تركيا قبلة لأنشطة غير مشروعة

وتحت حكم أردوغان، أصبحت تركيا مقصداً متساهلاً قضائياً فيما يتعلق بالتمويل غير المشروع والتهرب من العقوبات. كما أن تضامن الرئيس التركي مع الدول، التي فرضت عليها عقوبات، مثل فنزويلا وإيران، هو جزء من محوره العام تجاه الأنظمة الكلِبتوقراطية (أي نظم حكم لصوصية وهو نمط حكومة يراكم الثروة الشخصية ويكرس السلطة السياسية في أيدي القلة الحاكمة).

أردوغان والأنظمة المارقة

كما يتحدى أردوغان النظام الدولي الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة. وما لم تقم واشنطن بعمليات رصد وتتبع للعناصر المتبقية من شبكة نظام مادورو في تركيا، سيعتقد أردوغان أن هذا التقاعس عن العمل بمثابة موافقة وترخيص بمزيد من التجاوزات، التي لا تشمل فنزويلا فقط، ولكن الأنظمة المارقة الأخرى أيضاً.