في تحليله الميداني للمعارك الدائرة داخل قطاع غزة، كشف خبير عسكري عن تفاصيل تكتيك عسكري متقدم تتبعه كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ضمن ما يُعرف بكمائن “أبواب الجحيم”، وهو اسم يرمز إلى أسلوب قتالي يعتمد على مفاجأة العدو وتكبيده خسائر مباشرة عبر استخدام التخفي والمباغتة في المناطق التي يظن الجيش الإسرائيلي أنها أصبحت مؤمنة أو تحت سيطرته. وأوضح الخبير أن هذا النوع من الكمائن يعكس تطوراً كبيراً في البنية القتالية للمقاومة، حيث لم تعد المواجهة تقليدية أو مباشرة، بل تعتمد على حرب عصابات معقدة تُربك القوات المتقدمة وتفقدها ميزة القوة النارية والتفوق التكنولوجي.
ويعتمد هذا التكتيك على استدراج القوات الإسرائيلية إلى مناطق معدّة سلفاً من حيث الهندسة العسكرية والميدان، إذ تقوم الكتائب بحفر أنفاق أو إعداد مواقع تمويهية دقيقة تُمكّن عناصرها من مراقبة تحركات القوات من مسافة قريبة جداً دون أن يتم رصدهم. وعند اللحظة المناسبة، تُنفذ الكمين بشكل خاطف ودقيق باستخدام عبوات ناسفة، وأسلحة خفيفة ومتوسطة، وأحياناً عبر الاشتباك المباشر في ممرات ضيقة أو مبانٍ مفخخة تُجبر القوات على التراجع أو التمركز في مناطق مكشوفة، ما يجعلها هدفاً سهلاً لضربات لاحقة.
وأشار الخبير إلى أن أحد أهم عناصر نجاح هذا النوع من التكتيك هو معرفة كتائب القسام الدقيقة بتفاصيل الأرض وممراتها وتضاريسها، حيث تم استغلال البيئة العمرانية الكثيفة داخل القطاع لصالح المقاتلين، ما يجعل التحرك الإسرائيلي محفوفاً بالمخاطر في كل زاوية وكل مبنى. كما لفت إلى أن هذه الكمائن لا تُنفذ بشكل عشوائي، بل تأتي ضمن خطة ميدانية مدروسة تضع هدفاً واضحاً يتمثل في استنزاف العدو وإرباك قيادته الميدانية والنفسية.
وبحسب الخبير، فإن تأثير هذه الكمائن لا يقتصر فقط على الخسائر المباشرة التي تُلحقها بالقوات المهاجمة، بل يمتد إلى التأثير المعنوي والنفسي، إذ تفقد الوحدات المهاجمة ثقتها في المعلومات الاستخباراتية التي تُزود بها، وتصبح أكثر حذراً في التقدم، ما يُبطئ وتيرة العمليات ويُجهض خطط الاختراق السريع التي يعتمد عليها الجيش الإسرائيلي عادة لتحقيق التفوق في المعارك البرية. وأضاف أن هذا النوع من المقاومة الذكية والمرنة يُجبر القوات الإسرائيلية على خوض معركة استنزاف طويلة الأمد، وهو ما لا يخدم استراتيجيتها في إنهاء العمليات بأسرع وقت ممكن.
وختم الخبير تحليله بالإشارة إلى أن تطور أداء كتائب القسام في هذه الجولة من التصعيد يعكس تحولاً نوعياً في قواعد الاشتباك، وأن هذا الأداء قد يُغيّر من حسابات الكثير من الأطراف المعنية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، خصوصاً مع تزايد الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، وتزايد الضغوط الداخلية على القيادة السياسية والعسكرية في تل أبيب.