أطلقت تونس حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV)، الذي يعتبر المسبب الرئيسي لسرطان عنق الرحم، وهو ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء في البلاد. تستهدف الحملة في البداية الفتيات في سن 11-12 عامًا، سواء في المدارس العامة والخاصة أو عبر مراكز الصحة الأساسية. ومع ذلك، واجهت هذه الحملة تحديات كبيرة نتيجة انتشار شكوك ومخاوف بين أولياء الأمور بشأن تأثير اللقاح على الخصوبة والإنجاب في المستقبل.
تعتبر هذه الحملة جزءًا من استراتيجية وطنية طويلة الأمد للقضاء على سرطان عنق الرحم، الذي يسجل في تونس ما بين 300 إلى 400 حالة جديدة سنوياً، مع حوالي 200 حالة وفاة تقريباً. وقد أكدت وزارة الصحة أن اللقاح آمن وفعال، ويستخدم منذ 19 عاماً دون أي آثار جانبية مسجلة. ومع ذلك، ظهرت موجة من المحتوى التحذيري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يزعم بعضها أن التطعيم قد يؤثر على الخصوبة أو يعرقل النمو الطبيعي للفتيات.
أفادت الإحصاءات أن فيروس الورم الحليمي البشري ينتقل عبر الاتصال الجنسي، ويمكن أن يسبب سرطانات عنق الرحم والفرج والمهبل والقضيب والشرج والفم. وقد أقر الأطباء بأن التطعيم ضد هذا الفيروس هو إجراء وقائي فعال وآمن، يساعد على الحماية من هذه الأمراض الخطيرة، ويحافظ على الصحة الإنجابية.
ومع ذلك، تعرضت الحملة لتحديات سياسية وصحية، حيث ظهرت بعض الأصوات التي تشكك في سلامة اللقاح وتزعم أن له آثار جانبية على الخصوبة. وقد استجابت وزارة الصحة لهذه المخاوف من خلال توفير بيانات توضح أن اللقاح معتمد من منظمة الصحة العالمية، وأن تكلفته منخفضة مقارنة باللقاحات الأخرى، مع الحفاظ على نفس الفعالية.
دعت الجمعية التونسية للأورام الطبية جميع مهنيي الصحة إلى الانخراط بشكل فعّال في الحملة، وطمأنة العائلات حيال هذا الإجراء الوقائي الأساسي. وأكدت أن التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري لا يحمي من الأمراض الخطيرة فحسب، بل يحافظ أيضاً على الصحة الإنجابية.
في الوقت نفسه، تعمل وزارة الصحة على مواجهة الشكوك والمخاوف من خلال حملات توعية وتثقيف، حيث تؤكد على أهمية التطعيم في حماية صحة الفتيات في المستقبل. وتقدم الدولة اللقاح مجاناً للفتيات المستهدفة، مع التأكيد على أنه لا يوجد دليل علمي يثبت وجود علاقة بين التطعيم واضطرابات الخصوبة.