شهد مخيم طولكرم في الضفة الغربية فجر اليوم حملة هدم واسعة نفذتها جرافات الاحتلال الإسرائيلي، استهدفت عشرات المنازل الفلسطينية في واحدة من أكبر عمليات الهدم التي يشهدها المخيم منذ سنوات. وقد أدت هذه الحملة إلى تشريد عدد كبير من العائلات الفلسطينية، حيث وجدت نفسها فجأة بلا مأوى، وسط حالة من الصدمة والحزن والغضب التي عمّت أرجاء المخيم.
بدأت الجرافات الإسرائيلية عملياتها في ساعات الفجر الأولى، ترافقها قوات كبيرة من جيش الاحتلال التي فرضت طوقاً أمنياً مشدداً حول المخيم، ومنعت السكان من الاقتراب من مناطق الهدم أو محاولة إنقاذ ممتلكاتهم. ومع تقدم الجرافات، تحولت أحياء كاملة إلى أكوام من الركام، وارتفعت أصوات الأطفال والنساء الذين فقدوا منازلهم وكل ما يملكون في لحظات معدودة. وقد حاول بعض الأهالي التصدي لعمليات الهدم، إلا أن القوات الإسرائيلية واجهتهم بالقوة، مما زاد من حالة التوتر والاحتقان في صفوف السكان.
هذه العمليات تأتي في ظل تصاعد سياسة الهدم التي تتبعها سلطات الاحتلال في الضفة الغربية، والتي تستهدف بشكل خاص المناطق المكتظة بالسكان الفلسطينيين، بحجة البناء دون ترخيص أو لدواعٍ أمنية كما تدعي إسرائيل. إلا أن الأهالي يرون في هذه الإجراءات محاولة لفرض مزيد من الضغوط عليهم ودفعهم إلى الرحيل عن أرضهم، في إطار سياسة تهجير ممنهجة تهدف إلى تغيير الواقع الديمغرافي في المنطقة لصالح المستوطنات الإسرائيلية.
وقد أعربت مؤسسات حقوقية وإنسانية عن قلقها البالغ إزاء هذه التطورات، محذرة من التداعيات الإنسانية الخطيرة التي ستترتب على تشريد العائلات وتركها دون مأوى أو مصادر رزق، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعيشها سكان المخيمات الفلسطينية. كما طالبت هذه المؤسسات المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف سياسة الهدم التي تنتهك أبسط حقوق الإنسان، وعلى رأسها الحق في السكن والحياة الكريمة.
من جانبهم، أكد أهالي مخيم طولكرم أنهم سيواصلون الصمود رغم كل الظروف، وأنهم لن يتخلوا عن أرضهم وبيوتهم مهما بلغت التحديات. وأشاروا إلى أن هذه الهجمة تأتي ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني يومياً، داعين إلى وحدة الصف الفلسطيني وتعزيز التضامن لمواجهة هذه السياسات العدوانية.
في ظل هذه التطورات المؤلمة، يبقى الوضع في مخيم طولكرم مرشحاً لمزيد من التصعيد، خاصة مع استمرار عمليات الهدم والتهجير، وسط غياب أي أفق لحل سياسي ينهي معاناة الفلسطينيين ويضمن لهم حقوقهم المشروعة في العيش بحرية وكرامة على أرضهم.