كشف مسؤول إسرائيلي بارز أن نظام بشار الأسد، في أيامه الأخيرة على السلطة، حاول التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل من خلال وساطة روسية، إلا أن هذا العرض قوبل بالرفض من الجانب الإسرائيلي. تأتي هذه التصريحات في ظل تحولات سياسية وأمنية كبيرة تشهدها المنطقة، حيث تسعى الأطراف المختلفة إلى إعادة رسم العلاقات وتخفيف التوترات التي استمرت لعقود بين سوريا وإسرائيل. وأوضح المسؤول أن النظام السوري أدرك في تلك المرحلة الحساسة الحاجة إلى فتح قنوات تفاوضية مع تل أبيب، مستغلاً العلاقات الوثيقة التي تربط دمشق بموسكو، التي لعبت دور الوسيط في محاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وأشار المسؤول إلى أن سوريا تعتبر دولة مهمة في المنطقة، وأن حكومتها تتمتع بسيادة واضحة، مما يجعل أي اتفاق سلام معها ذا أهمية استراتيجية كبيرة لإسرائيل، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها على الحدود الشمالية. ورغم المحاولات التي جرت عبر الروس، فإن إسرائيل رفضت العرض في تلك المرحلة، ربما بسبب عدم وضوح نوايا النظام السوري أو اعتبارات سياسية وأمنية أخرى. ويعكس هذا الموقف تعقيدات المشهد السياسي في المنطقة، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية، وتبقى ملفات السلام والتسوية في حالة تأرجح بين فرص التقدم والتراجع.
في سياق متصل، شهدت الأشهر الأخيرة تحركات دبلوماسية غير مباشرة بين الجانبين، حيث تحدث الرئيس السوري الجديد عن مفاوضات جرت عبر وسطاء تهدف إلى تهدئة الأوضاع، مع التأكيد على ضرورة الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار الموقع عام 1974. كما أبدت بعض الأطراف رغبة في مناقشة إمكانية انضمام سوريا إلى اتفاقيات إبراهيم التي تمثل إطاراً جديداً للعلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتقارب والسلام في المنطقة.
ومع ذلك، تبقى العديد من العقبات قائمة، منها الخلافات الإقليمية، والتوترات بين القوى الكبرى، بالإضافة إلى المواقف الداخلية في كل من سوريا وإسرائيل التي تؤثر بشكل مباشر على مسار أي مفاوضات. ويشير المراقبون إلى أن أي تقدم في ملف السلام بين البلدين يتطلب توافقاً إقليمياً ودولياً، فضلاً عن إرادة سياسية حقيقية من الطرفين للتغلب على التاريخ الطويل من الصراع والعداء.
تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تواصل مراقبة الوضع في سوريا عن كثب، مع التركيز على منع أي تهديدات أمنية قد تنبع من الأراضي السورية، خاصة فيما يتعلق بوجود جماعات مسلحة أو نفوذ إيراني في المنطقة. وفي الوقت نفسه، تسعى دمشق إلى استعادة سيادتها الكاملة على أراضيها وتعزيز علاقاتها الدولية، مما يجعل ملف السلام مع إسرائيل أحد الملفات الحساسة التي قد تشهد تطورات مستقبلية تبعاً للمتغيرات الإقليمية والدولية.
يبقى المشهد السياسي في المنطقة معقداً ومتشابكاً، لكن تصريحات المسؤول الإسرائيلي تسلط الضوء على أن هناك محاولات جرت بالفعل للتقارب بين النظام السوري وإسرائيل، وإن كانت لم تكلل بالنجاح حتى الآن، مما يفتح الباب أمام احتمالات جديدة قد تغير قواعد اللعبة في المستقبل القريب.