كشف مصدر دبلوماسي تركي، اليوم الأربعاء، أن أنقرة ستقاوم جهود شركائها في حلف شمال الأطلسي (الناتو) لإقناعها بدعم خطة دفاعية للحلف تخص دول البلطيق وبولندا، وذلك لحين تلبية مطالبها فيما يتعلق بخطة للدفاع عن تركيا.
وكانت وكالة “رويترز” ذكرت، أمس الثلاثاء، أن تركيا ترفض دعم خطة البلطيق وبولندا ما لم تحصل على مزيد من الدعم السياسي لمحاربتها “وحدات حماية الشعب” الكردية بشمال سوريا.
وتريد تركيا أن يعترف الحلف رسمياً بأن مقاتلي الوحدات، وهي المكون الرئيسي لقوات سوريا الديمقراطية المدعومة من واشنطن، “إرهابيون” وتشعر بالغضب الشديد لأن حلفاءها قدموا دعما لوحدات.
وقال المصدر التركي اليوم لوكالة “رويترز”: إن الحلف وافق هذا العام على دعم خطته للدفاع عن أنقرة بما في ذلك في حال تعرض تركيا لهجوم من الجنوب حيث تقع حدودها مع سوريا.
خطة الدفاع عن تركيا
وتنطوي الخطة الدفاعية الخاصة بتركيا على الاعتراف بأن “وحدات حماية الشعب” تمثل تهديداً إرهابياً لأنقرة، لكن المصدر أكد أن واشنطن سحبت دعمها لهذه الخطة، كما عبّرت دول أخرى عن معارضتها لها.
وأضاف المصدر: “لذلك نقول إذا لم تُنشر خطتنا الدفاعية فلن نسمح بنشر الخطة الأخرى الخاصة بالبلطيق وبولندا”.
وقبل أسبوع من قمة للحلف في لندن، يسعى مبعوثو الحلف إلى الحصول على موافقة رسمية من الدول الأعضاء، وعددها 29 دولة، على الخطة العسكرية للدفاع عن دول البلطيق (ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا) وبولندا في حال هاجمت روسيا هذه الدول.
ورداً على سؤال بخصوص هذا الأمر، امتنع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ عن الإدلاء بتفاصيل المناقشات الداخلية، لكنه قال: “لدينا خطط للدفاع عن كل الحلفاء وحمايتهم، والتزامنا تجاه الدفاع الجماعي صلب للغابة”.
محاولة الوصول لأرضية مشتركة
من جهته، أكد المصدر التركي أن ستولتنبرغ يحاول الوصول إلى أرض مشتركة بين الدول الأعضاء حيال الخطة الدفاعية لتركيا، مضيفاً أن أنقرة “منفتحة على العروض”.
موضوع يهمك ? بعد تقارير صحافية تحدثت عن إمكانية أن تكون أنقرة قد زودت موالين لها في سوريا بدبابات ألمانية، كان لا بد لحكومة المستشارة…
وأمس كانت “رويترز” قد نقلت عن أربعة مصادر رفيعة في حلف الناتو قولهم إن تركيا ترفض دعم الخطة الدفاعية الخاصة بالبلطيق وبولندا. وأضافت المصادر أن أنقرة أمرت مبعوثها لدى الحلف بعدم اعتماد الخطة، وتتخذ موقفاً متشدداً خلال اجتماعات ومحادثات خاصة بالناتو.
ويُعد هذا الخلاف، قبل أسبوع من انعقاد قمة الحلف في لندن في الذكرى السبعين لإنشائه، مؤشراً للانقسامات بين أنقرة وواشنطن بسبب هجوم تركيا على “وحدات حماية الشعب” الكردية في شمال سوريا.
ومع بدء الهجوم التركي في شمال شرق سوريا الشهر الماضي، قوبلت الخطوة بإدانة من شركاء تركيا في الحلف الذين يخشون أن يعرقل الهجوم الحرب على تنظيم داعش. ورفضت تركيا هذه المخاوف قائلةً إنها ستواصل محاربتها “لكل الإرهابيين” في المنطقة ومن بينهم “وحدات حماية الشعب” المدعومة من واشنطن.
“تركيا تأخذ شعوب شرق أوروبا رهائن”
وبدون موافقة تركيا سيكون الموقف أصعب بالنسبة للحلف فيما يتعلق بتعزيز دفاعاته سريعا في دول البلطيق وبولندا.
وقال مصدر دبلوماسي لـ”رويترز” إن الأتراك “يأخذون شعوب شرق أوروبا رهائن بعدم موافقتهم على هذه الخطة العسكرية إلى أن يحصلوا على تنازلات”.
ووصف مصدر آخر سلوك تركيا بأنه “معرقل” في الوقت الذي يحاول فيه الحلف إثبات أنه متحد بعد تشكيك الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الحلف وإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن الحلف “مات دماغياً”.
ووضع حلف شمال الأطلسي خطة الدفاع عن دول البلطيق وبولندا بناء على طلب من هذه الدول وبعد ضم روسيا لشبه جزيرة القرم في عام 2014. ولا يوجد لهذه الخطة أي تأثير مباشر على استراتيجية تركيا في سوريا لكنها تثير أسئلة تتعلق بالأمن على كل جبهات الحلف.
“الجميع ينتقد الأتراك”
وبموجب اتفاق تأسيس الحلف عام 1949 يعد الهجوم على أي من أعضاء الحلف هجوماً على كل الأعضاء. وللحلف استراتيجيات عسكرية للدفاع الجماعي في كل مناطق دوله الأعضاء.
وكانت تركيا تقدمت بمطالبها قبل بدء هجومها في شمال سوريا، لكن الأمر تحول إلى أزمة قبل أسبوع من قمة من المقرر أن يتم فيها اعتماد وثائق أمنية.
وقال مصدران دبلوماسيان إن الأمل لا يزال يحدو مبعوثي الحلف في الوصول إلى حل وسط لأن أنقرة تريد أيضاً من الزعماء اعتماد الخطة العسكرية المتطورة المنفصلة بشأن كيفية دفاع الحلف عن تركيا في حالة تعرضها لهجوم.
ومن المقرر أن يجتمع ماكرون مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على هامش القمة لبحث عملية أنقرة في سوريا.
وقال أحد المصادر الدبلوماسية: “الجميع ينتقد الأتراك، لكن إذا استسلموا فسيكون ذلك على حساب عدم التدخل في استراتيجيتهم إزاء سوريا”.