يربط كثيرون حول العالم تاريخ لعبة المونوبولي (Monopoly) بشخصية الأميركي تشارلز دارو، وفترة الكساد العظيم خلال ثلاثينيات القرن الماضي، حيث تحدّثت كل القصص عن قيام الأخير ببيع هذه اللعبة لمؤسسة الإخوة باركر مقابل ملايين الدولارات.

في غضون ذلك، يعود تاريخ ظهور أول نسخة من هذه اللعبة إلى حدود مطلع القرن العشرين، فخلال العام 1904، ابتكرت مصممة الألعاب الأميركية إليزابيث ماغي (Elizabeth Magie) أول نموذج من هذه اللعبة والتي حملت حينها اسم Landlord’s Game.

وعلى مدار السنين، تحوّلت المونوبولي لواحدة من أكثر ألواح اللعب مبيعاً في العالم، حيث ترجمت لعشرات اللغات، وبيع منها ما يزيد عن 250 مليون نسخة.

رسم للعبة Landlord’s Game

لعبة آمنة حسب الألمان

وبينما اعتبرت المونوبولي وسيلة للتسلية التف حولها الصغار والكبار، تحوّلت هذه اللعبة خلال فترة الحرب العالمية الثانية لسلاح هام في يد البريطانيين، استخدموه لإنقاذ جنودهم من براثن الألمان.

فبالنسبة للجنود البريطانيين الذين تربّعوا داخل معسكرات الاعتقال الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية، مثلت بعض الألعاب وعلى رأسها المونوبولي سلاح النجاة السري الوحيد للهرب من قبضة الألمان.

وبناء على جملة من الاتفاقيات الدولية، سمح الألمان بدخول مثل هذه الألعاب لمراكز اعتقال الجنود البريطانيين، عن طريق الصليب الأحمر والمنظمات الخيرية والإنسانية الأخرى، حيث آمنت القيادة العسكرية الألمانية حينها بقدرة مثل هذه الأنشطة الفكرية على كبح جموح محاولات فرار الأسرى البريطانيين من معسكرات الاعتقال.

صورة لتشارلز دارو

إنتاج مشترك

خلال تلك الفترة، اتفق فرع MI9 التابع لجهاز المخابرات البريطاني مع مؤسسة وادينغتونز (manufacturer Waddingtons) المختصة في صناعة الألعاب، والتي حصلت على حقوق إنتاج لعبة المونوبولي، على إنتاج ألعاب تتضمن بداخلها خرائط وأدوات معدنية وبوصلات لإرسالها نحو المعسكرات ومساعدة الجنود البريطانيين على تنظيم عمليات فرارهم.

في هذه الأثناء، اعتبرت المونوبولي اللعبة الأنسب لإنقاذ الجنود الأسرى، ولهذا السبب تعهدت المؤسسة البريطانية بإضافة طقم هروب سري لها، و بناءً على ذلك، وضعت الخرائط الصغيرة، التي حددت طريق النجاة داخل مجسمات النزل، وبين طيّات كرتون لوح اللعبة، كما تضمن طقم النجاة بلعبة المونوبولي بعض الأوراق النقدية الحقيقية لمساعدة الجنود على التنقل بشكل سريع نحو دول الجوار المحايدة.

صورة لإحدى العلب التي كانت ترسل للجنود البريطانيين الأسرى لدى الألمان عن طريق الصليب الأحمر البريطاني

خرائط حريرية

أيضا، اعتمد البريطانيون على خرائط مصنوعة من الحرير لإنقاذ جنودهم من المعسكرات الألمانية، حيث فضّل الخبراء العسكريون البريطانيون هذا الخيار بسبب قدرة الحرير على مقاومة الماء وتمويه العدو.

فضلا عن ذلك، ركّزت مؤسسة وادينغتونز على إعداد خرائط لكل من سويسرا وإسبانيا والسويد والنرويج، لمساعدة الجنود على الفرار نحو هذه الدول المحايدة.

أثناء فترة الحرب العالمية الثانية، تمكّن نحو 35 ألف جندي بريطاني من الفرار من قبضة الألمان، وعلى حسب بعض التقديرات امتلك قرابة 20 ألفا منهم خرائط وأدوات أخرى حصلوا عليها من علب المونوبولي.

فضلا عن ذلك، قدّم فرع MI9 قرابة 240 خارطة لمواقع مختلفة من أوروبا وشمال إفريقيا، وأنتج أكثر من مليون نسخة منها ليرسلها نحو الجنود البريطانيين الأسرى.

صورة لرقعة لعبة المونوبولي

صورة لجنود بريطانيين خلال الحرب العالمية الثانية

صورة لإحدى فرق المدفعية البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية

صورة لشعار لعبة المونوبولي