شهد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أمس الثلاثاء، احتفالية كبرى لصرف تعويضات لأهالي النوبة ممّن تضرروا بسبب بناء وتعلية خزان أسوان وإنشاء السد العالي، ولم يتم تعويضهم في الماضي، وذلك تنفيذاً لوعد قطعه الرئيس عبد الفتاح السيسي قبل 3 أعوام.
وقدم مدبولي لسكان النوبة شهادات بملكية أراضٍ ومساكن بديلة للتي تم تهجيرهم منها لبناء خزان أسوان والسد العالي.
تاريخ بناء السد العالي وتهجير قرى النوبة
وبدأت هذه القصة في العام 1902، حين كان يعيش في تلك المنطقة الواقعة أقصى جنوب مصر بالقرب من حدود السودان نحو 18 ألف نسمة، على مساحة تمتد بطول 350 كيلومتراً من الشلال الأول وحتى الشلال الثاني جنوب أسوان على طول نهر النيل.
اتجهت حينها الحكومة المصرية والسلطات البريطانية لبناء خزان لحماية مصر من فيضان النيل. فتم إنشاء خزان سمي بـ”خزان أسوان”، بعد فيضان كبير أدى لغرق 10 قرى نوبية وتهجير المقيمين فيها.
في العام 1912، قررت الحكومة تعلية الخزان لمواجهة الفيضانات العالية والمتتالية والتي أدى إحداها لغرق 8 قرى أخرى هي قورتة والعلاقى والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترمه. كما تم تعلية الخزان مرة ثانية في العام 1933 بعد أن أغرقت الفيضانات 10 قرى أخرى.
منذ خمسينيات القرن الماضي، وعقب ثورة 23 يوليو/تموز 1952 فكّر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بإنشاء سد في أسوان، فبدأت الدراسات لإقامة السد العالي وهو ما استلزم ترحيل أهالي النوبة الباقيين. وتم ذلك فعلياً في العام 1963، فانتقل من تبقى من سكان النوبة للإقامة في منطقة نصر النوبة وكوم امبو في أسوان.
بعد كل تلك السنوات، قرر الرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي تعويض المتضررين من أهالي النوبة الذين تركوا أراضيهم ومساكنهم لإقامة السد العالي. وقامت الحكومة بتشكيل لجنة لصرف التعويضات لهؤلاء، وفتحت باب تقديم طلبات تلقي التعويضات من قبل من لم يسبق تعويضهم. وبالفعل، تقدّم 6350 مستحقاً بطلبات لتلقي تعويضات، من أصل عدد 11 ألفاً و716 مستحقاً للتعويض.
وكشفت الحكومة أن 1740 مستحقاً طلبوا تعويضهم نقداً، و205 طلبوا تعويضهم عيناً بتمليكهم وحدات سكنية في عدد من محافظات مصر، و2126 مستحقاً طلبوا تمليكهم أراضي قابلة للزراعة، و2009 طلبوا تمليكهم الأراضي المقامة عليها مساكنهم الحالية، و187 مستحقاً طلبوا تقنين حق الانتفاع بالأراضي التي بنوا عليها، بينما طلب 83 مستحقاً الاستفادة من خطة الدولة المستقبلية في التنمية.
20 % من المستحقين تلقوا تعويضات حتى الآن
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال مسعد هركي رئيس مجلس إدارة “المؤسسة المصرية النوبية للتنمية” في حديث مع “العربية.نت”، إن “تعويض أهالي النوبة خطة جيدة”، مشيراً إلى أن “من تم تعويضهم حتى الآن لا يمثلون سوى 20% تقريباً من أهالي النوبة”.
موضوع يهمك ? بعد إعلان وزارة الأوقاف المصرية عن طرح قصر رئيس وزراء مصر الأسبق مصطفى النحاس، للإيجار بالمزاد العلني بمدينة سمنود…
وأضاف أن “هذه التعويضات ليس لها علاقة بتطبيق المادة 236 من الدستور والتي تنص فقرتها الأخيرة على أن تعمل الدولة على وضع وتنفيذ مشروعات تعيد سكان النوبة إلى مناطقهم الأصلية وتنميتها خلال عشر سنوات، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون”، مشيراً إلى أنه “لا يتبقى من المهلة التي حددها الدستور سوى 4 سنوات فقط”.
واعتبر أن “الخطوة القادمة ربما ستكون تقنين أوضاع الأراضي التي تقع خلف السد وتحديد المستفيدين منها، لأن الكثير من المتضررين لم يتقدم حتى الآن للجنة التي تقدم التعوضيات، سواء لعدم علمهم بلجنة التعويضات أو لأن الأوراق التي تثبت ملكية أجدادهم للأراضي التي تم تهجير سكانها غير متوفرة للورثة حتى الآن”.
وذكّر هركي بأن رئيس الوزراء أشار إلى قيام الحكومة بتشكيل لجنة برئاسة وزير العدل لحصر من لم يتم تعويضهم من المتضررين، وبعد انتهاء هذه اللجنة من عملها، سيتم تعويض من لم يسبق تعويضهم من أبناء النوبة، وفقاً لرغباتهم.