في تطور يعكس تصاعد حدة التوترات الأمنية في منطقة الشرق الأوسط، أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية قرارًا عاجلًا يقضي بمنع موظفيها العاملين في تل أبيب من مغادرة المدينة، وذلك في ظل ما وصفته بمخاطر أمنية مرتفعة تهدد سلامة الأفراد، سواء من العاملين في السفارة أو المواطنين الأمريكيين المقيمين في المنطقة. يأتي هذا القرار في وقت حساس يشهد فيه الوضع الأمني في إسرائيل حالة من التأهب القصوى، نتيجة تزايد احتمالات اندلاع مواجهات عسكرية جديدة، وتداول أنباء عن استعدادات عسكرية تشمل استخدام صواريخ ومدفعية وطائرات في مناطق قريبة من التجمعات المدنية.
القرار الأمريكي جاء نتيجة تقييم أمني دقيق أجرته أجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية الأمريكية، حيث تم رصد مؤشرات قوية على تصاعد التهديدات ضد المصالح الغربية داخل إسرائيل، مع ورود معلومات تفيد بوجود احتمالية عالية لوقوع هجمات مفاجئة أو إطلاق صواريخ من بعض الجهات المعادية، مما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة الأفراد، لا سيما في ظل حالة القلق المتزايدة بين سكان المدينة.
ووفقًا لما تم تداوله، فقد شمل التحذير الأمريكي توصيات صارمة لموظفي السفارة والقنصليات الأمريكية بتقليص تحركاتهم لأقصى درجة، والامتناع عن السفر خارج حدود تل أبيب، والبقاء بالقرب من مقار إقامتهم أو مكاتبهم، إلى حين إشعار آخر. كما تم توجيه التعليمات بإلغاء الأنشطة العامة والمشاركات الرسمية أو الشخصية التي تتطلب التنقل بين المدن، تحسبًا لأي طارئ قد يطرأ في الساعات أو الأيام المقبلة.
وتزامن هذا القرار مع تكثيف الاستعدادات الأمنية داخل إسرائيل، حيث أُعلن عن رفع درجة الاستعداد القصوى في عدد من المواقع العسكرية، وتم رصد تحركات لآليات ثقيلة ومعدات قتالية، في إشارة واضحة لاحتمالية الدخول في مواجهة عسكرية جديدة قد تطال العمق الإسرائيلي. كما تحدثت تقارير إعلامية عن قيام سلاح الجو الإسرائيلي برفع وتيرة دورياته الجوية، بالتوازي مع تعزيز بطاريات الدفاع الجوي، وتكثيف المراقبة على الحدود الشمالية والجنوبية للبلاد.
وقد أثار هذا القرار الأمريكي الكثير من التساؤلات حول طبيعة المخاطر المحتملة، ومدى جدية التهديدات التي دفعت واشنطن لاتخاذ خطوة كهذه في بلد تُعتبر فيه الولايات المتحدة من أبرز الحلفاء الاستراتيجيين. ويرى مراقبون أن هذا التحرك يعكس مخاوف حقيقية من احتمال اتساع رقعة التصعيد العسكري ليشمل مناطق حيوية، بما في ذلك العاصمة الاقتصادية تل أبيب، التي تحتضن عددًا كبيرًا من البعثات الأجنبية ومراكز الشركات الدولية الكبرى.
ويأتي هذا المشهد المتوتر في وقت تشهد فيه المنطقة اضطرابات متزايدة على أكثر من جبهة، حيث لا تزال الأوضاع مشتعلة في قطاع غزة، ويزداد القلق بشأن الحدود مع لبنان وسوريا، في ظل تبادل التهديدات والتصريحات بين إسرائيل وعدد من الفصائل المسلحة. كما تزداد المخاوف من تدخلات أطراف إقليمية أخرى قد تسهم في تعقيد المشهد وتفجير الأوضاع نحو صدام واسع النطاق.
ومن جانبها، دعت الخارجية الأمريكية مواطنيها المقيمين في إسرائيل إلى توخي أقصى درجات الحذر، والابتعاد عن التجمعات والأماكن الحساسة، والاحتفاظ بوسائل الاتصال مع الجهات الدبلوماسية في حال حدوث طارئ، مؤكدة أن أمن المواطنين الأمريكيين يأتي على رأس أولوياتها في هذه المرحلة الحرجة.
وتُعد هذه الخطوة مؤشرًا على أن المرحلة المقبلة قد تشهد تغيرًا كبيرًا في طبيعة التحركات الدبلوماسية في المنطقة، خاصة إذا ما استمرت حالة التوتر، أو تصاعدت المواجهات لتخرج عن نطاق السيطرة. كما تبعث برسالة واضحة إلى المجتمع الدولي مفادها أن الوضع في إسرائيل لم يعد مستقرًا كما كان يُعتقد، وأن احتمالات التصعيد العسكري أصبحت واقعية أكثر من أي وقت مضى.