أخبار عاجلة
الرئيسية / الازياء و الموضه / صحه / مأساة الكوليرا في الخرطوم: مشاهد إنسانية مفجعة من داخل مراكز العزل الطبي

مأساة الكوليرا في الخرطوم: مشاهد إنسانية مفجعة من داخل مراكز العزل الطبي

في قلب العاصمة السودانية الخرطوم، تتجلى مأساة إنسانية صادمة خلف جدران مراكز العزل المخصصة لمصابي وباء الكوليرا، حيث تظهر مشاهد بالغة القسوة لمعاناة المرضى وسط ظروف صحية متردية ونقص حاد في الإمكانات والمستلزمات الطبية الأساسية. المشاهد المسربة من داخل تلك المراكز ترسم صورة قاتمة لحجم الكارثة الصحية التي تواجه البلاد، وتكشف عن انهيار شبه تام في المنظومة الصحية، في ظل تفشي المرض وتزايد أعداد المصابين يوماً بعد يوم.

داخل هذه المراكز، يرقد مرضى الكوليرا على أسرّة معدنية مهترئة، في غرف ضيقة تفتقر إلى التهوية الجيدة، وتكاد تنعدم فيها النظافة. بعض المرضى يبدو عليهم الإعياء الشديد، وقد تُركوا دون رعاية كافية، فيما يحاول عدد قليل من الطاقم الطبي التعامل مع الأعداد المتزايدة باستخدام إمكانيات محدودة للغاية، مما يضاعف من خطر تفاقم الوضع الصحي وانتشار العدوى بين المرضى أنفسهم. وتكشف اللقطات أيضاً عن وجود أطفال وكبار سن بين المصابين، يعانون من الإسهال الحاد والجفاف الشديد، في ظل ندرة محاليل الإرواء الفموي والمضادات الحيوية، والتي تُعد ضرورية لإنقاذ الأرواح في مثل هذه الحالات.

وتُظهر المشاهد صراع المرضى مع الألم وسط صمت مطبق، لا يقطعه سوى أنين المرضى وصرخات البعض من شدة الإعياء. بعض المرضى يجلسون على الأرض لعدم وجود أسرّة كافية، فيما يلجأ آخرون إلى النوم على بطانيات رقيقة مفروشة على الأرض الإسمنتية الباردة. الأطباء والممرضون، وهم قلة قليلة مقارنة بعدد المرضى، يحاولون تقديم الإسعافات الأولية بما تيسر من أدوات ومستلزمات، فيما تبدو وجوههم مرهقة من ضغط العمل المستمر والظروف المأساوية التي يضطرون للعمل فيها.

انتشار الكوليرا في السودان لا يُعد حدثاً طارئاً، إذ سبق للبلاد أن واجهت موجات من هذا المرض في سنوات سابقة، لكن هذه المرة تبدو الأزمة أكثر حدة وخطورة، نظراً لتزامنها مع انهيار اقتصادي حاد وأزمات سياسية وأمنية متلاحقة، أثّرت بشكل مباشر على الخدمات الصحية، وعلى قدرة الحكومة والمؤسسات المعنية على الاستجابة الفورية للكارثة. وتُعد الخرطوم من أكثر الولايات تضرراً بالوباء، حيث تجاوزت أعداد الإصابات المؤكدة مئات الحالات، وسط مخاوف من انتشار المرض إلى ولايات أخرى في ظل ضعف الرقابة الصحية وقلة التوعية المجتمعية.

ومع تصاعد الأزمة، يعاني ذوو المرضى من عدم توفر وسائل النقل اللازمة لإيصال أحبائهم إلى مراكز العزل أو حتى إلى المستشفيات العامة، التي تعاني هي الأخرى من الاكتظاظ وقلة الموارد. وفي ظل هذه المعاناة، يلجأ الكثير من المواطنين إلى الاعتماد على العلاجات المنزلية أو الأعشاب، ما يزيد من احتمالية المضاعفات والوفيات. كما تفتقر مناطق واسعة من الخرطوم إلى المياه النظيفة وشبكات الصرف الصحي السليمة، وهي من أبرز العوامل المساعدة على تفشي الكوليرا وانتقالها بسرعة بين السكان.

هذه المشاهد القاسية تعكس بوضوح حجم الكارثة التي يواجهها السودان في الوقت الراهن، وتجعل من قضية الكوليرا أولوية صحية ملحة تستوجب التدخل العاجل من قبل الجهات الرسمية والمنظمات الإنسانية. فالأمر لم يعد مجرد أزمة صحية فحسب، بل أصبح شأناً إنسانياً يتطلب تحركاً سريعاً لتوفير الحد الأدنى من الرعاية والدعم للمرضى، ولمنع وقوع المزيد من الوفيات بين صفوف الفئات الأكثر ضعفاً، وفي مقدمتهم الأطفال وكبار السن.

عن admin

شاهد أيضاً

منظمة أطباء بلا حدود تحذر من المخاطر الإنسانية الجسيمة لعملية “الجدار الحديدي” الإسرائيلية في الضفة الغربية وتسلط الضوء على تداعيات النزوح المطول

أصدرت منظمة أطباء بلا حدود تحذيراً شديد اللهجة بشأن الأوضاع الإنسانية المتفاقمة في الضفة الغربية …