الخبر:
تواجه الحكومة السورية تحديًا بالغ الأهمية على الساحة الداخلية والخارجية، يتمثل في كيفية معالجة قضية المقاتلين الأجانب الذين ما زالوا يتواجدون على الأراضي السورية. هذا الملف بات يشكل نقطة محورية في العلاقات السورية الأمريكية، خاصة بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أن إخراج هؤلاء المقاتلين من سوريا يُعد أحد الشروط الأساسية لبناء علاقة جديدة أو إعادة ترتيب العلاقات بين البلدين.
تُعقد هذه المسألة في سياق سياسي وأمني معقد للغاية، حيث تتداخل مصالح العديد من الأطراف الإقليمية والدولية، إلى جانب المصالح الداخلية التي تحكمها دمشق، والتي تسعى إلى استعادة سيطرتها الكاملة على جميع المناطق السورية. المقاتلون الأجانب، الذين ينتمون إلى جماعات مختلفة ومتنوعة، يشكلون عبئًا أمنيًا على الحكومة السورية، ليس فقط من الناحية العسكرية، بل وأيضًا في إطار جهود إعادة الاستقرار وإعادة الإعمار التي تبذلها دمشق في مختلف المحافظات.
تتعامل الحكومة السورية مع هذا الملف بحذر شديد، إذ أن إخراج هؤلاء المقاتلين يتطلب تنسيقًا مع جهات دولية متعددة، إضافة إلى ضمان عدم إعادة انتشارهم في مناطق أخرى قد تهدد الأمن السوري أو الأمن الإقليمي. في الوقت ذاته، تواجه دمشق تحديات قانونية وسياسية تتعلق بكيفية التعامل مع المقاتلين الأجانب الذين يحملون جنسيات مختلفة، وبعضهم ممن يُتهمون بارتكاب أعمال إرهابية، مما يزيد من تعقيد أي حلول محتملة.
من جهة أخرى، يطرح إعلان ترامب شروطه بشأن هذا الملف تساؤلات حول مدى استمرارية هذا الموقف في إدارة السياسة الأمريكية الحالية، ومدى قدرة دمشق على الاستفادة من هذا التوجه أو مواجهته بما يخدم مصالحها الوطنية. وقد أظهرت دمشق استعدادًا لإيجاد حلول عملية ومتدرجة لهذا الملف، تعتمد على مزيج من التفاوض السياسي، وتطبيق القانون، والتعاون مع شركاء إقليميين ودوليين.
بالتالي، يظل ملف المقاتلين الأجانب في سوريا أحد أكثر القضايا إلحاحًا وصعوبة بالنسبة للحكومة السورية، والتي عليها أن توازن بين الحفاظ على أمنها الوطني، وبين التعامل مع الضغوط الدولية التي قد تستغل هذا الملف كورقة في التفاوض أو لتحريك أجندات إقليمية ودولية. القرار النهائي بشأن هذا الملف سيحدد إلى حد كبير مستقبل العلاقات بين دمشق وواشنطن، وسيكون له تأثير عميق على الاستقرار في سوريا والمنطقة بأسرها.