في تطور لافت ومثير للتوتر بين الجارتين النوويتين، أعلن وزير الدفاع الهندي في تصريح عاجل أن قوات بلاده الجوية نفذت غارات دقيقة وواسعة النطاق يوم الأربعاء استهدفت مواقع يُشتبه في أنها تأوي مسلحين داخل الأراضي الباكستانية، وأسفرت عن مقتل أكثر من مئة عنصر، وصفهم بالـ”إرهابيين”. وأكد الوزير أن هذه العملية تأتي في إطار ما وصفه بـ”الرد المشروع” على تهديدات أمنية متصاعدة، مشيرًا إلى أن الأجهزة الاستخباراتية كانت قد رصدت تحركات لعناصر مسلحة كانت تخطط لشن هجمات داخل الهند.
وبحسب التصريحات الرسمية، فإن الغارات تمت بعد جمع معلومات دقيقة عن تجمعات لمسلحين يُعتقد أنهم ينتمون إلى جماعات متشددة تنشط قرب الحدود مع الهند، حيث شُنت الهجمات الجوية باستخدام طائرات حربية متطورة نفذت ضربات مركزة على أهداف محددة بعناية، في محاولة لتفادي أي خسائر مدنية أو أضرار جانبية خارج نطاق الهدف العسكري. وقد وصف وزير الدفاع هذه العملية بأنها “ناجحة وحاسمة”، مؤكداً أنها تأتي ضمن استراتيجية الهند لمواجهة الإرهاب بشكل استباقي دون التساهل مع أي تهديد لأمن البلاد واستقرارها.
البيان حمل في طياته رسالة واضحة إلى الجانب الباكستاني، مفادها أن الهند لن تتهاون مع ما تعتبره دعماً أو تغاضياً عن وجود عناصر مسلحة على الأراضي الباكستانية، داعياً الحكومة في إسلام آباد إلى تحمل مسؤولياتها والحد من نشاط الجماعات المسلحة التي تتخذ من أراضيها منطلقًا لعمليات تستهدف الداخل الهندي. كما أوضح الوزير أن الهند لا تسعى إلى التصعيد، لكنها في الوقت نفسه لن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي تهديد مباشر أو محتمل.
وقد أثار الإعلان حالة من الترقب في الأوساط السياسية والإعلامية، نظراً لحساسية الوضع بين الهند وباكستان، وهما دولتان خاضتا حروبًا ونزاعات حدودية متعددة، وتربطهما علاقات متوترة خصوصاً في إقليم كشمير المتنازع عليه. كما يُتوقع أن ترد الحكومة الباكستانية على هذه التصريحات خلال الساعات المقبلة، في ظل احتمال حدوث تصعيد دبلوماسي أو عسكري قد يُعيد الأوضاع إلى حافة التوتر الشديد بين البلدين.
وتأتي هذه الغارات في سياق تصاعد الخطاب الأمني في المنطقة، حيث تسعى الهند إلى إظهار قوتها وقدرتها على حماية حدودها ومواطنيها، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على الحكومات في المنطقة للحد من التوتر والعمل على تهدئة الأوضاع عبر الوسائل السياسية والدبلوماسية. وبينما يتابع العالم بقلق تطورات هذا المشهد المتوتر، تبقى الأنظار موجهة إلى رد الفعل الباكستاني وما إذا كانت هذه العملية ستفتح فصلاً جديداً من التصعيد بين الطرفين، أو ستكون مجرد رسالة تحذير عابرة ضمن لعبة التوازنات الدقيقة في جنوب آسيا.