شهدت جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك حدثًا صاخبًا بعدما قامت الشرطة الأمريكية باعتقال مجموعة من الطلاب الذين نظموا اعتصامًا داخل أحد مباني الحرم الجامعي، احتجاجًا على استمرار الحرب على غزة. وقد أثار هذا التدخل الأمني ردود فعل متباينة بين مؤيدين ومعارضين لما حدث، خاصة وأن الاعتصام جاء في إطار حملة طلابية متصاعدة داخل الجامعات الأمريكية للمطالبة بإنهاء العدوان الإسرائيلي على القطاع، وإعلان التضامن مع المدنيين الفلسطينيين الذين يتعرضون لأوضاع إنسانية مأساوية.
الطلاب المعتصمون، ومعظمهم من النشطاء في الحركات الطلابية المؤيدة للحقوق الفلسطينية، قاموا بالدخول إلى أحد المباني الرئيسية في الجامعة ونظموا اعتصامًا سلميًا للتعبير عن احتجاجهم على صمت الإدارة الأمريكية واستمرار الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، مطالبين في الوقت ذاته بأن تتبنى الجامعة موقفًا أخلاقيًا عبر قطع علاقاتها بالمؤسسات والشركات التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في استمرار الحرب. كما رفعوا شعارات تدعو إلى وقف فوري للعدوان على غزة، ونددوا بسياسات الكيل بمكيالين في التعاطي مع القضايا الإنسانية.
الشرطة تدخلت بعد أن وُصف الاعتصام بأنه انتهاك لقوانين الجامعة والنظام العام، وقامت بمحاصرة المبنى والدخول إليه لاعتقال الطلاب المعتصمين، مستخدمة إجراءات أمنية مكثفة. وقد جرى اقتياد عدد منهم خارج الحرم الجامعي وسط هتافات زملائهم الذين تواجدوا في الخارج تضامنًا معهم، في مشهد أثار تساؤلات كثيرة حول حرية التعبير في المؤسسات الأكاديمية الأمريكية، وحدود التدخل الأمني في القضايا الطلابية.
الاعتصام وما تبعه من اعتقالات لم يكن حدثًا معزولًا، بل يأتي في سياق موجة احتجاجات طلابية واسعة بدأت تتصاعد في عدد من الجامعات الأمريكية الكبرى، حيث يشعر الطلاب بالاستياء من مواقف جامعاتهم والحكومة الأمريكية تجاه ما يحدث في غزة، لا سيما في ظل سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين وتدهور الأوضاع المعيشية والإنسانية في القطاع.
وقد دعا عدد من الأساتذة والناشطين الحقوقيين إلى احترام الحق في التعبير السلمي داخل الجامعات، مؤكدين أن اعتقال الطلاب لا يعالج جوهر القضية بل يزيد من حدة التوتر ويبعث برسائل سلبية حول تعامل السلطات مع الأصوات الداعية للسلام والعدالة. كما طالبوا إدارة الجامعة بفتح حوار مع الطلاب بدلاً من اللجوء إلى الحلول الأمنية، مشيرين إلى أن الجامعات لطالما كانت منابر للفكر والنقاش الحر، وليست مجرد مؤسسات تعليمية مغلقة على نفسها.
وبينما لا تزال القضية تتفاعل إعلاميًا وشعبيًا، بات من الواضح أن صوت الطلاب في الولايات المتحدة بدأ يأخذ منحى أكثر تأثيرًا في قضايا السياسة الخارجية، وأن الدعم الشعبي المتنامي للقضية الفلسطينية بدأ يتسلل إلى عمق المجتمعات الأكاديمية، في مشهد قد يعيد رسم ملامح النقاش العام حول دور الجامعات ومواقفها من الصراعات الدولية.