في مناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أطلق المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة تحذيراً شديد اللهجة بشأن ما وصفه بـ”الإبادة الإعلامية الممنهجة” التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الصحفيين ووسائل الإعلام في القطاع منذ بدء العدوان قبل ما يقرب من 19 شهراً. وأكد المكتب أن هذه السياسة الإسرائيلية تستهدف بشكل مباشر حرية التعبير وحق المجتمع في الوصول إلى المعلومات، من خلال استهداف الصحفيين وقتلهم، وتدمير المؤسسات الإعلامية، وفرض حصار شامل على وسائل الإعلام، بالإضافة إلى قطع خدمات الإنترنت والكهرباء التي تعتبر من الأدوات الحيوية لعمل الإعلاميين في ظل ظروف الحرب.
وقد شهد قطاع غزة خلال هذه الفترة تصعيداً غير مسبوق في استهداف الإعلاميين، حيث قتل أكثر من 130 صحفياً فلسطينياً أثناء أداء مهامهم المهنية، إلى جانب عشرات الإصابات والاعتقالات، فضلاً عن تدمير مكاتب ومقرات مؤسسات إعلامية كانت تؤدي دورها في نقل الحقيقة إلى العالم. ويأتي هذا ضمن استراتيجية ممنهجة تهدف إلى إسكات صوت الحقيقة ومنع وصول الأخبار والتقارير التي توثق الانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحق المدنيين الفلسطينيين، مما يخلق حالة من التعتيم الإعلامي الكامل يفاقم من معاناة السكان ويُخفي حجم الكارثة الإنسانية التي يعيشونها.
ويؤكد المكتب الإعلامي أن هذا القمع الإعلامي لا يقتصر على استهداف الأفراد والمؤسسات فحسب، بل يمتد إلى محاولة طمس الرواية الفلسطينية عبر قتل أفراد عائلات الصحفيين وتدمير منازلهم، ما يؤدي إلى “موت اجتماعي” لهم، حيث يفقدون روابطهم الأسرية والاجتماعية، ويُجبرون على الهجرة أو التهجير القسري. ويشير إلى أن هذه الإجراءات تعكس وجهًا من أوجه الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، والتي تحاول من خلالها سلطات الاحتلال القضاء على أي صوت يعبر عن معاناة الفلسطينيين أو يكشف عن جرائم الحرب المرتكبة.
وفي ظل هذه الأوضاع، تتعرض حرية الصحافة في غزة لضغوط هائلة، حيث يمنع الاحتلال دخول الصحفيين الأجانب، ويصادر المعدات الإعلامية، ويحتجز الصحفيين الفلسطينيين ويعذبهم أحياناً، مما يجعل من العمل الصحفي في القطاع مهمة محفوفة بالمخاطر الجسيمة. وتُعبر منظمات حقوقية دولية عن قلقها العميق إزاء هذا الوضع، وتطالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته في حماية الصحفيين وضمان حرية الإعلام، ووقف الانتهاكات التي تهدد حياة العاملين في المجال الإعلامي.
وتأتي هذه التطورات في سياق حرب شاملة تشهدها غزة منذ أكتوبر 2023، حيث تتعرض البنية التحتية المدنية والإعلامية لهجمات متكررة، ما أدى إلى أزمة إنسانية غير مسبوقة، وارتفاع أعداد الضحايا المدنيين، بينهم نساء وأطفال وصحفيون. ويبرز هذا الواقع المأساوي الحاجة الملحة إلى تحرك دولي عاجل لوقف هذه الانتهاكات، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وحماية حقوق الإنسان وحرية التعبير في واحدة من أخطر مناطق النزاع في العالم.
في الختام، يؤكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن استمرار هذه السياسة الإسرائيلية ضد الإعلام والصحفيين لن يثنيهم عن مواصلة عملهم في فضح الجرائم ونقل الحقيقة، وأن حرية الصحافة ستظل ركيزة أساسية في النضال الفلسطيني من أجل العدالة والكرامة، رغم كل محاولات القمع والإرهاب الإعلامي التي يواجهونها يومياً.