شهدت العلاقات بين إسرائيل وإيران تصعيدًا حادًا خلال الأيام الأخيرة، حيث أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تهديدات صريحة بتدمير البنية التحتية النووية الإيرانية، في خطوة اعتبرها مراقبون تصعيدًا خطيرًا قد يفتح الباب أمام مواجهة عسكرية واسعة في المنطقة. جاء ذلك في وقت تجري فيه محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن برعاية سلطنة عمان، تهدف إلى التوصل إلى اتفاق نووي يمنع إيران من تطوير أسلحة نووية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها.
نتنياهو أكد خلال مؤتمر عقد في القدس أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك أي سلاح نووي، مشددًا على ضرورة تفكيك كامل للبنية التحتية النووية الإيرانية، ومشيرًا إلى أن الاتفاق الوحيد المقبول هو الذي ينهي البرنامج النووي الإيراني تمامًا كما حدث مع ليبيا في عام 2003. وأضاف نتنياهو أنه على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن إسرائيل ستتصرف بحزم لمنع إيران من تحقيق أهدافها النووية، معتبراً أن طهران تمثل المحرك الرئيسي للهجمات على إسرائيل في المنطقة.
ردًا على هذه التصريحات، حذر مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي، الأميرال علي شمخاني، من عواقب لا يمكن تصورها في حال شن إسرائيل هجومًا على المنشآت النووية الإيرانية، مؤكدًا أن أي ضربة ستقابل برد انتقامي فوري وقوي. كما أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن لا حل عسكريًا قائمًا في هذا الملف، وأن أي اعتداء على إيران سيؤدي إلى رد فعل حاسم، معتبراً أن إسرائيل تعيش في وهم قدرتها على فرض شروطها على طهران.
هذه التصريحات تأتي وسط أجواء متوترة للغاية في الشرق الأوسط، حيث تتصاعد المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية قد تؤثر على استقرار المنطقة بأسرها. وتأتي هذه التوترات في ظل محاولات دولية حثيثة لإحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي يهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية، لكن الخلافات العميقة بين الأطراف المعنية تجعل من الوصول إلى حل شامل أمرًا معقدًا.
المحللون يرون أن التصعيد الكلامي بين تل أبيب وطهران يعكس عمق الخلافات الاستراتيجية بين البلدين، حيث تستمر إسرائيل في اعتبار البرنامج النووي الإيراني تهديدًا وجوديًا لها، بينما تؤكد إيران على حقها في تطوير الطاقة النووية السلمية وتعتبر تهديدات إسرائيل جزءًا من سياسة الضغط والعداء المستمر. في الوقت نفسه، تحذر طهران من أن أي هجوم قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة لا يمكن التنبؤ بنتائجها، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في المنطقة.
في ظل هذه التطورات، يبقى العالم يترقب بحذر نتائج المحادثات النووية الجارية، التي قد تشكل مفتاحًا لتخفيف التوترات أو قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد في حال فشلها. وتؤكد هذه الأزمة مرة أخرى على هشاشة الأمن الإقليمي وأهمية الحوار والوسائل الدبلوماسية في حل النزاعات التي تهدد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط.