ظاهرة نتفليكس (أو) اللعب على عنصر الوفرة

[ad_1]

ظاهرة نتفليكس – نتفليكس

ها هي شركة ديزني تشمر عن ساعديها للبدء في العملية والدخول في المنافسة، منافسة من؟ منافسة منصات المحتوى الوفير (إن صح التعبير).

لم تتبع شركة نتفليكس نموذج (إدفع مرة وشاهدة ألف مرة) في بداية عهدها، بل أنها حين أطلقت موقعها لأول مرة عام 1998، كانت سياستها هي (إدفع مرة لتشاهدة مرة واحدة)، بمعنى أنها كانت تستخدم نظام التأجير، يدفع العميل نصف دولار مقابل استئجار فيلم أو مسلسل.

كان من الصعب في تلك الفترة المبكرة أن تتطور هذه الفكرة والتي أحدثت -لاحقاً- تغييرات إقتصادية واجتماعية لا يستهان بها، كيف يمكن للشركة أن تتيح كل ما بجعبتها من محتوى مرئي مقابل مبلغ بسيط يوازي فقط سعر تأجير عشرين فيلم أو مسلسل، فعلى سبيل المثال، في نهاية عام 1999 وصل عدد أقراص الـ DVD التي تؤجرها الشركة إلى 4700 قرص، وبحسبة بسيطة فإن تكلفة استئجار تلك الأقراص مجتمعة هو 2350 دولار، فهل من المعقول النزل من هذا المبلغ إلى 10 دولارات فقط؟؟

أما اليوم، فالـ 10 دولار تتيح لك أن تشاهد ما تريد من آلاف العناوين المتاحة عبر المنصة، لكن متى بالضبط انتقلت الشركة من نظام التأجير إلى نظام الاشتراك الشهري؟ ومن نظام الـ DVD إلى البث عبر الانترنت؟

في بداية عهدها، كانت نتفلكس تؤجر الأفلام عبر أقراص الـ DVD، حيث ترسل القرص إلى العميل ليستمتع به أسبوع كامل ثم يعيده إليهم عبر البريد، أما الموقع الإلكتروني فلم يكن سوى منصة للاختيار والطلب والقيام بالمهام الإدارية الأخرى، لم يكن مخصصاً للمشاهدة، وهذا أمر طبيعي في تلك الفترة المبكرة من عصر الانترنت.

مع بداية الألفية الجديدة، اتجهت الشركة نتفليكس لنموذج آخر للتربح بما لديها من أقراص، هو نظام الاشتراك الشهري الثابت، لكن بنفس الطريقة السابقة، تقوم باختيار أفلامك المفضلة (بحد أقصى ثلاثة أفلام للمرة الواحدة) ثم تطلبها فتصلك خلال يومين، وبعدها تعيد إرسالها لتطلب أفلاماً أخرى، وتستمر هكذا طوال الشهر، والمقابل هو 20 دولار شهرياً تخصم من بطاقتك بشكل تلقائي.

النقلة النوعية: البث عبر الانترنت

لم تكن فكرة الاشتراك الشهري الثابت أمر مستحدث، فهو مما وُجد عبر منصات التلفزة المدفوعة، نظام الكابل الخاص أو نظام القنوات المشفرة، كما أن مفهوم (الفيديو حسب الطلب) أو (Video on demand) كان قد بدأ بالانتشار في تلك الفترة، وكانت شركات عملاقة مثل أماوزن وأبل قد دخلتا هذا السوق وأصبحتا ممن يزود العملاء بالأفلام حسب الطلب.

النقلة كانت في دمج نموذج (الاشتراك الثابت) مع (الفيديو حسب الطلب) وإدخال عنصر ثالث لهما هو: البث المباشر عبر الانترنت.

بهذه الخلطة المكونة من ثلاثة عناصر، انطلقت الشركة تشق عصرها الجديد، العصر الذهبي الذي سمح لها بالانتشار ليس في أمريكا فقط، بل في دول العالم المختلفة.

كان ذلك في 2007 حين أعلنت الشركة عن إطلاق خدمة بث المحتوى، أي بعد أن انطلق موقع اليوتيوب بعامين، ولقد كانت تلك السنوات مخاض لتطور تقنيات نقل الفيديو عبر الانترنت، فقد شهدت مولد عدة منصات، منها منصة Hulu ، والتي كانت استثماراً مشتركاً بين عدة شركات تقنية عملاقة.

يوضح تقرير من موقع thinknum كيف بدأت تلك الخدمات وانطلقت في مراحلها المبكرة، كما أن مقالة في مجلة “نيويورك تايمز” تعطي نظرة واسعة حول مخاض نتفليكس الذي انبثق عنه ولادة خدمتها الجديدة للبث عبر الانترنت.

إدفع مرة، وشاهد ألف مرة

لقد اتضحت الصورة الآن حول تاريخ نتفليكس، وعرفنا أنها بدأت في تفعيل نظام الاشتراك الشهري منذ مدة مبكرة قبل البدء في خدمة البث المباشر، لكن النموذج السابق كان يعتمد على الأقراص المدمجة DVD، فالعميل كان يحق له أن يطلب قرص واحد (أو ثلاثة أقراص في بادئ الأمر)، ثم يحصل على الآخر بعد أن يرجع الأول، وبهذا لو أنه طلب كل يوم قرص جديد لما تجاوز العدد الثلاثين قرصاً شهرياً، وهو أمر مقبول مقابل 10 دولار، لكن النموذج الجديد يعني أن كل المحتوى سيكون متاحاً أمام العميل بضغطة زر واحدة، يمكنه أن يشاهد ما يشاء في أي وقت يشاء، فكيف لذلك أن يكون أمراً مربحاً للشركة ولمن خلفها من شركات بث الفيديو تحت الطلب؟

اللعب على وتر الوفرة

هذا المبدأ الذي هو تسويقي في الأساس، قد ساق شركة نتفليكس وأخواتها إلى النجاحات الباهرة التي حققتها وتحققها، يكفي أن تعرف أنه وقبل انطلاق هذا النموذج الجديد كانت الشركة على وشك الإفلاس، أما اليوم، فيكفي أن تعرف أن عدد مستخدمي الخدمة قد تجاوز الـ 150 مليوم مشترك حسب الإحصائيات الأخيرة، ويمكنك أن تحسب الأمر بنفسك وتضرب هذا الرقم في 10 دولار ليتضح لك حجم العوائد المالية.

الكثير من الناس هم من مشتركي هذه الخدمة أو ممن يفكرون بالإشتراك، تراوده نفسه بين الفينة والأخرى على الإنضمام لهذا الركب العملاق، ليس لتكثير السواد، بل استجابة للرغبات التي تتعالى في نفسه كل مرة يشاهد اعلان لمسلسل حصري جديد، أو حين يجد فيلماً وثائقياً هو متاح ضمن المكتبة التي تضم الكثير من العناوين.

هنالك عامل نفسي مهم تلعب عليه تلك الشركات، هو الوفرة، وفرة المحتوى، العدد الكبير والهائل من الأفلام والمسلسلات والأفلام الوثائقية التي يمكن أن تصل إليها جميعاً باشتراك شهري بسيط (مقارنة بما تحصل عليه)، لكن الحيلة هي في أنك لن تحصل على كل ذلك المحتوى، لن تدخله جيبك أو تصبح المالك الشرعي له، كل ما في الأمر أنه سيكون متاحاً لك، لكن هنالك أمر آخر لا يأخذه المستخدم في الحسبان، أمر غير متوفر بكثرة كما هو الحال مع المحتوى المعروض أمامه، إنه الوقت.

أنت لديك وقت محدود، 24 ساعة في اليوم و 30 يوم في الشهر، وعلى الرغم من محدودية هذا المصدر إلا طلب استهلاكه مرتفعة، فأنت لديك وظيفتك، المصدر الذي به تعيش ومنه تدفع التزاماتك (منها اشتراك نتفليكس) ولديك أسرتك وعلاقاتك الشخصية، وبعد قائمة الالتزامات، ستأتي إلى فترة الترفية، والتي ستتوزع بين عدة مسارات، قد يكون منها: مشاهدة الأفلام والمسلسلات.

الفكرة هي في نقل المحدودية من ملعبهم إلى ملعبك أنت

بدلاً من أن يكون المحتوى هو المحدود، جعلوه متوفر واعتمدوا على محدودية وقتك، فأنت لن تقوم بمشاهدة ألف فيلم في شهر واحد، وبهذه الفكرة هم يضمنون -في الغالب – أنك ستجدد اشتراكك شهر بعد شهر، وقليل دائم خيرٌ من كثير منقطع.

ميادين جديدة ومنصات عديدة

دعونا نتوقف الآن عن التحدث عن نتفليكس، لنبدأ بالتحدث عن الظاهرة نفسها، فليست هذه المنصة وأخواتها هم الوحيدون على الساحة الآن، “فاللعب على وتر الوفرة” هو ميدان يغري الشركات الأخرى، من يقدمون محتوى وخدمات مختلفة، ومن أهم تلك الخدمات، خدمة التعليم عن بعد.

في 2015 انطلقت منصة جديدة للتعلم عبر الكورسات المقدمة من أشخاص محترفين ومشهورين في مجالهم، إنها منصة MasterClass، ولقد تميزت المنصة عن غيرها (مثل Udemy على سبيل المثال) أنها تختار المحاضرين بنفسها، ففيها تجد بعض ممثلين هوليود المشهورين، وبعض الكتاب المعروفين، وغيرهم مما برز في مجاله وأبدع في صنعته، تجدهم وقد قدموا كورسات ودروس معدة بشكل احترافي ومقدمة على هيئة دروس وورش عمل تختصر خبرات السنين في بضع ساعات.

لكن ليس ذلك هو الفرق الأهم بينها وبين غيرها من منصات التعليم عن بعد، الفرق أنها توفر كل ذلك المحتوى الاحترافي، باشتراك شهري يبلغ 15 دولار (تدفع سنوياً).

حين تشاهد اعلانات الدورات المقدمة في المنصة، يسيل لعاب عقلك التواق للمعرفة، وخاصة إن كنت مهتماً بأحد المجالات التي يتم تدريسها، تعتقد لأول وهلة أن دورة بهذه الاحترافية من شخص مشهور قد تكلف مئات الدولارات، لكنك تتفاجأ أنك قادر على الحصول عليها وعلى 60 دورة أخرى بـ 15 دولار شهرياً فقط، لكن قلي متى كنت قادر على تعلم كل العلوم والمعارف في شهر أو شهرين ؟؟

إنه اللعب على وتر الوفرة

طبعاً ليست هذه هي المنصة الوحيدة، أحد الأمثلة الأخرى: منصة SkillShare التي تتيح لك الوصول لـ 30 ألف دورة مصغرة باشتراك شهري يبلغ 15 دولار أو 8 في حالة الدفع السنوي.

لا يقتصر الأمر على منصات تقديم المحتوى المرئي بشكل عام، بل إلى خدمات أخرى أصبحت تتيح الاستخدام اللامحدود، (بالاعتماد على محدودية وقت الشخص)، مثل:

موقع Speechling، والذي يقدم خدمة تعليم وتحسين النطق في الإنجليزية ولغات أخرى، حيث يقوم المستخدم بتسجيل صوته وهو ينطق الجمل والعبارات، ثم يقوم مدرس متخصص بمراجعة تلك التسجيلات ويرسل له ملاحظات (فيد باك) إن كانت هنالك بعض الملاحظات أو الأخطاء في النطق، أما فكرة الاشتراك فتكلفتها 19 دولار شهرياً مقابل الاستخدام اللامحدود للخدمة، وقد يبدو الأمر غير منطقي، لكن يصبح الأمر أكثر منطقية حين تدرك أن لديك وقت محدود وبأنك لن تجلس طيلة النهار تسجل صوتك وتتعلم نطق الكلمات، لديك وقت محدود ومسؤوليات متعددة.

ختاماً …

تبقى المسؤلية ملقاه على عاتق المستخدم، في تقدير التكلفة مقابل الاستهلاك الشخصي من المحتوى أو الخدمة، لا أن يقارنها مقابل الوفرة التي تعرضها الشركة، فمهما كبر حجم المحتوى أمامك، فلن تقدر في نهاية المطاف إلا أن تلتهم قدر حاجتك ووفق وسعك.

[ad_2]
Source link
admin