[ad_1]
الدقيقة 93+ في ظل ضغط جماهيري شديد تأتي ركنية من الجانب الأيسر يلعبها العربي الذي ولد علي أرض مصر ( مصطفي علي ) وبإتقان شديد يوجهها نحو رأس ذهبية اعادت للأذهان أمجاد جده الذي طالما تغنت الجماهير في الوطن العربي وافريقيا بإسمه معلنة هدف الفوز بالبطولة رقم 60 ليتزين قميص الأهلي بالنجمة السادسة .
إحتفالية ضخمة في قلب ملعب ( صالح سليم ) المقام داخل الطريق المؤدي لعاصمة مصر ( حورس ) ..الجماهير تتغني بالبطولة رقم 60 بالفوز علي منافسه الجديد والذي دخل إلي مصر برعاية أوربية أملا في تحقيق ما عجز عنه أخرين قبل عشرين عاما ..ولكن المعركة وقتها كانت بشرف عكس ما حدث في الماضي .
يسأل أحد الصبية أبيه الذي كان يوما ما كاتبا ومحللا : هذا أصعب دوري فزنا به .. هذا الجيل واجه منافسه قوية من الأندية المصرية العريقة إضافة إلي الوافد الجديد .
يلتفت الأب إلي إبنه وهو يبتسم قائلا : سأقص عليك قصة أصعب دوري ولكن بعد أن تنتهي الإحتفالية والتي تظهر لأول مرة بعد تواجد دوري محترفين حقيقي .
في مشهد تاريخي تم تصوير كتيبة اللاعبين والجهاز الفني مع كأس الدوري المزين بالشرائط الحمراء وفي أماكن مخصصة للمصورين دون غيرهم وبتصوير 6K نقلت القنوات المصرية والتي باتت مجهزة لنقل للنسخة العاشرة من دوري المحترفين .
في الطريق المؤدي إلي التجمع الخامس عاد الأب ليقص علي إبنه قصة أصعب دوري فاز به الأهلي ولكن قبل أن يبدأ في الحديث أغمض عينيه لثوان ليتذكر ما حدث .
لم يكن سهلا أبدا أن ترفض يد المعاونة للدولة لتصبح ظهيرها الرياضي في الوقت الذي إصطدم الأهلي بأفكار وأعراف غريبة لشخص دخيل ظن يوما أن كرة القدم هي أموال سائلة دون حساب متناسيا كارثة حدثت لفريق العاصمة الفرنسية رغم الأموال التي بلا حساب ولكن نسي الجميع أن كرة القدم قبل أن تكون صناعة فهي إنتماء .
من السهل أن تصنع فريقا بأموال ضخمة ولكن من المستحيل أن تلغي الفوارق التي علي أساسها بات الماضي تاريخا يفتخر به أبناء الحاضر و أطفال المستقبل
في الوقت الذي كان فيه شعار ( غير مبادئك ) طريقا لضعاف النفوس المتخفين وراء راية الإستثمار ( المزعوم ) إنتفض الأهلي رغم كل المعوقات التي صادفته في أصعب موسم
الإبن : أبي .. ما هي قصة أصعب دوري ؟
الأب : سأقصها عليك ولكن هل أعجبك ستاد ( صالح سليم ) ؟
الإبن : نعم أعتقد أنه يضاهي البيرنابيو إن لم يكن أفضل
الأب : هذا الإستاد كان يجب أن يكون موجودا قبل 25 عاما ولكن لم يكتب له الخروج
الإبن : كيف ؟
الأب : قبل أن أجيبك ..لماذا تحب الأهلي ؟
الإبن : أعتقد لإنه الأفضل ويفوز ولديه روح الإصرار ، وبين لاعبيه الألفة وإدارته حكيمة رغم بعض الإختلافات ولكن أعتقد أن أهم ميزة فيه هو أن ( الواحد للكل ..والكل للواحد )
الأب : بالضبط وعندما يظن البعض أن ما يفعله للأهلي يجب أن ينال عليه وساما فهو مخطىء ويلفظه النادي مهما كان إسمه بدء من حسين حجازي وحتي أخر المتمردين ..وينطبق هذا أيضا علي الإداريين و( المحبين )
الإبن : ما زلت لم تحكي لي الحكاية
الأب : لإنك لن تشعر أبدا بصعوبة تلك القصة لإن من عاشها هو فقط يعرف تفاصيلها .. صحيح أن أجيالكم لديها أرشيفا ضخما علي منصات الفيديو علي الإنترنت تستطيع أن تعرف من خلالها كل شىء ولكنها لن تستطيع أبدا أن تشعر بما شعرنا به لإن ذلك الشعور يكمن هنا ..( وأشار إلي قلبه )
ثم أكمل مردفا : الصعوبة الحقيقية أن الأهلي كاد ينقسم إلي جبهتين ، وأنقسم أبنائه علي أنفسهم ..كان شيئا أشبه ( بالثغرة ) ، وتعالت أصوات خبيثة بأن المقصود من الحملة هو ( بيبو ) بل وطالب البعض بأن يرحل لإن وجوده سيضر الأهلي ..تماما مثلما حدث في خمسينات القرن الماضي من قبل بريطانيا العظمي تجاه مصر
الإبن : أنت تقصد جمال ؟ أليس كذلك
الأب : نعم .. هل تعرف الخطوط التي تظهر في وجوه وجبين وأيدي العجائز .. هذه هي اللحظات التي مررنا بها بحلوها ومرها ..يمكنك أن تري الخطوط ولكنك لن تشعر أبدا بها
الأبن متمتما : نعم بدأت أفهم ..أحاول فقط أن أتخيل الصورة وأن أستشعرها حتي لو لم تحكي لي القصة بتفاصيلها ..ولكنك أوحيت لي بأن الأهلي كان يواجه غزوا شرسا تم إستخدام فيه كافة الأسلحة المشروعة والغير مشروعة
الأب مقاطعا : بالضبط ولكن تذكر أن التفوق في الملعب كفيل بأن يجعل الحرب لصالحك
الإبن شاردا : هذا صحيح
الأب : في مباراة التتويج كان الأهلي يدخل لقائه أمام المقاولون في ظل صراخ البعض وإتهامات معتادة بالتراخي لصالح المارد الأحمر متناسين أن المنافسين خذلوا جماهيرهم فطلبوا من الجميع أن يستأسد أمام الأهلي ..غير أن في الغابة أسدا واحد
الإبن : وماذا كانت النتيجة ؟
الأب : 3-1 في المباراتين بين الأهلي والمقاولون ..والزمالك والإسماعيلي
الإبن : ويطلقون علي الأول تراخيا .. والثاني رجولة وإصرار … ثم أكمل مشمئزا : يا للخسة
الأب : هل تعرف أن صاحب تمريرة هدف اليوم كان إبنا للاعبا قديما في الأهلي إسمه معلول
الإبن : نعم ..علي معلول …والد مصطفي علي
الأب : ومن سجل الهدف اليوم هو حفيد بيبو من بناته ..فالخطيب لم يرزق بصبية
الإبن : بيبو ..كم تمنيت أن أراه .
الأب بحسرة : وأنا أيضا لطالما حلمت أن أراه
ثم أردف : بيبو الذي عالج أخطائه بسرعة ووقف محتميا بتقاليد الأهلي حتي لو إتهمه البعض بأنه ذو ( عقلية إدارية محدودة أو قديمة ) ولكن الخطيب وقتها أثبت بأن الفيصل في الخطأ هو الإستفادة منه وليس تكراره ، لإن الجميع يخطىء يا ولدي .
الإبن : يبدو بالفعل أن الأهلي خاض معركة خارج الملعب أصعب مما كانت داخل الملعب ..وذلك هو جمال لحظات التتويج ، وقتها لا نقف عند الفنيات ولكننا نقف عند اللحظات الصعبة التي مررنا بها كي تصبح حلاوة النصر أكثر لذة في عقولنا وأرواحنا
الأب : الفوز بالبطولات الصعبة هو ما يجعل للبطولة قيمة حقيقية لإن الأهلي إعتاد الفوز بالبطولات وقتما كنت شابا وبعدما أصبحت كهلا فالأهلي بيت الدوري المصري
الأبن : يا لجمال هذه الكلمات ..أنت محق يا أبي
إبتسم الأب في خفوت وعاد ليتذكر تلك اللحظات الصعبة التي من الصعب أن تروي ولكنها حفرت علي وجه وقلبه وروحه مع أبناء جيله والذين عاصروا القصة بتفاصيلها ندوبا من المستحيل أن ينسوها
عاد الأب ليغمض عينيه وهي مترقرقة بالدموع وقرر أن يحبسها قبل أن تنسال في خيط رفيع لتروي تجاعيد وجه وكأنها تواسيها أو تحاول أن تزيل آثار الزمن