تريد شركة أبل زيادة أرباحها من قطاع الخدمات، وذلك عبر إطلاق خدمة الاشتراك في تطبيقها Apple News والذي من المتوقع الإعلان عن هذه الخدمة خلال حدثها السنوي 25 مارس المقبل.
سنحاول هنا قراءة ما بين السطور، وكيف تحاول شركة أبل إعادة تعريف قطاع الأخبار على الإنترنت، ثم لماذا تريد الدخول لهذا القطاع؟ ولماذا يتعين عليك كمستخدم أو ناشر رقمي أن تهتم لذلك؟
بداية هناك خمس حقائق يجب أن تعرفها :
- في الربع الأول من 2019 نمت إيرادات قطاع الخدمات في آبل بنسبة 28.2%.
- إيرادات الاشتراك في تطبيق الأخبار ستُعظم من أرباح هذا القطاع.
- آبل استحوذت قبل فترة على تطبيق المجلات الرقمية Texture.
- لكن قطاع الإعلام الرقمي يعاني من ضعف العوائد.!
- هنالك عمليات تسريح موظفين في وسائل إعلامية كبيرة.!!
بعد معرفتك للحقائق أعلاه، أعتقد بأن لديك تصور إلى أين يتجه السوق. أبل تريد الدخول إلى قطاع يعاني من قلة العوائد ومع ذلك تريد مشاركة الأرباح مع وسائل إعلامية كبرى، لا ريب أن شيئا كهذا قد يكون عصيًا على الفهم.
دعني أخبرك ايضًا؛ آبل هي الأخرى تعاني من بعض المتاعب، فبعد أكثر من عقد كامل من نمو وازدهار مبيعات آيفون، أظهرت بيانات الربع الأول من 2019 تراجعًا، حيث بلغت إيرادات مبيعات الآيفون 51.98 مليار دولار مقابل 61.6 مليار دولار لنفس الفترة من العام السابق بنسبة تراجع بلغت 15.6 %.
على الجانب الآخر نمت إيرادات قطاع الخدمات نحو 10.9 مليار دولار، بنسبة نمو بلغت 28.2%. ستعمل أبل على تعظيم إيرادات هذا القطاع من خلال خدمة الأفلام والمسلسلات ثم من خلال إطلاق خدمة الإشتراك في تطبيقها الإخباري.
القصة بدأت منذ وقت مبكر فبعد استحواذ شركة أبل على تطبيق المجلات الرقمية Texture، دخلت في مفاوضات مع صحف “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال” و”واشنطون بوست” لجعل محتواهم المدفوع متاح عبر التطبيق، إلا أنها واجهت ممانعة.
بحسب التسريبات ستكون قيمة الإشتراك 10 دولار وسوف تفرض آبل نسبة 50% على الناشرين. وهي نسبة أعلى قليلًا من التي تحصل عليها آبل من مطوري التطبيقات والتي تبلغ 30%.
تواجد كل هؤلاء المنافسين ضمن خدمة واحدة، يبدو أنه شيء غير جاذب لمُقدمي الخدمات، حتى فكرة تقاسم عوائد الاشتراك مع أبل تعتبر مجنونة.!
لكن أبل تستطيع استخدام ورقة عدد أجهزتها المليارية المُفعلة، لتسويق الخدمة وضمان شريحة ناشرين أكثر. لديها “أكثر من 1.4 مليار“، حتى مع بلوغ نسبة مشاركة آبل 50% من الإيرادات ستشكل النسبة المتبقية نافذة بيع جديدة ومهمة لهذه الوسائل الإعلامية، من أجل تحقيق المزيد من العوائد في هذا القطاع الذي يعاني من الأزمات.
أزمات هذا القطاع تبدأ من طريقة تحقيق الإيرادات، هناك ثلاثة مصادر للدخل تعتمد عليها وسائل الإعلام أولًا الإعلانات والتي تحتكرها قوقل وفيسبوك، ثم هناك إيرادات بيع المحتوى، واخيرًا هنالك نظام الاشتراكات المدفوعة والذي تعتمد عليه وسائل إعلامية كبرى مثل نيويورك تايمز و وول ستريت جورنال وغيرهم وتريد أبل إعادة تنظيم هذا القطاع أو السيطرة عليه، سمّها ما شئت!
أزمة ضعف العائدات سرعّت من ظهور حالات من التسريح الجماعي في شركات إعلامية كبرى، حيث أعلنت شركة بزفيد Buzzfeed عن تخفيض عدد موظفيها 15٪، وقالت شركة فيريزون أنها ستخفض مرة أخرى عدد الموظفين في وحدة الإعلام التابعة بنسبة 7%. والتي تضم HuffPost و Yahoo و AOL مجتمعة، هذا يعني فقدان أكثر من 1000 وظيفة.
ليس خفيًا على المتابعين أن أبل قامت من قبل بتغيير قطاع الموسيقى على الإنترنت وإعادة تعريفه، في 28 أبريل من عام 2003 ظهر ستيف جوبز على المسرح ليعلن لنا عن متجر آي تونز، ثم أخبرنا ضمن الإعلان بأن الخدمات المتاحة في وقتها “نابستر Napster” و برنامج “Kazaa” سيئة ويجب علينا ترك القرصنة. في حينها توقع إيدي كيو الذي كان مسؤلًا عن المتجر بأن أبل ستبيع مليون أغنية في ستة أشهر، لكن المتجر باع مليون نسخة في ستة أيام. وعلق جوبز: “سوف يذكر التاريخ هذا الأمر كنقطة تحول في صناعة الموسيقى”
أبل ستعتد إلى عصر ما بعد الآيفون، وربما مستقبلًا تقوم ببيع الآيفون بسعر منخفض جدًا أو بسعر التكلفة، في حين ستكون مجمل العوائد تأتي من قطاعات اخرى على رأسها قطاع الخدمات.
محليًا قامت المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق وهي أكبر مجموعة إعلامية في منطقة الشرق الأوسط حيث تملك ما يزيد على اثنتي عشرة مطبوعة وموقعاً، بالاستثمار في المحتوى الرقمي من خلال عقد شراكات مع مجموعات إعلامية عالمية.
حيث أعلنت عن شراكتها مع مجموعة بلومبرغ “Bloomberg” وإطلاق “بلومبرغ الشرق“. ثم قامت بإطلاق النسخة العربية من صحيفة إندبندنت عربية بالشراكة مع الصحيفة البريطانية “The Independent”.
وفيما يخص المحتوى المحلي أكملت استحواذها على حصة 51% من شركة أرقام، فيما أعلنت إحدى شركاتها التابعة ايضًا عن إطلاق متجر “المول” الإلكتروني.
وفي قطاع النشر والتوزيع قامت الشركة الوطنية للتوزيع وهي شركة تعود ملكيتها إلى عدة مؤسسات صحفية، بإطلاق متجر الكتب بوكس كوم معتمدة على أسطولها الضخم في الشحن والتوزيع والذي يضم 1400 سيارة وشاحنة تغطي كافة مدن المملكة.
إلا أن تلك التحركات ليست كافية ولن تنقذ الصحافة المحلية سواء كانت ورقية أم رقمية.
من هنا وحتى مارس القادم سنرى كيف ستعمل أبل على تغيير طريقة متابعتنا للأخبار. سننتظر.