Categories: سياسة

القضية الفلسطينية تتحول إلى ملف داخلي ساخن يهز الحكومة الإسبانية وسط تنافس سياسي حاد على خلفية أحداث غزة

تحولت القضية الفلسطينية في الآونة الأخيرة إلى محور صراع سياسي داخلي غير مسبوق في إسبانيا، حيث باتت أحداث غزة وتداعياتها حاضرة بقوة في المشهد السياسي، وأصبحت ساحة لتسجيل النقاط بين الأحزاب والتيارات المتنافسة داخل الحكومة وخارجها. فقد تصاعدت حدة الجدل حول كيفية تعاطي الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز مع الملف الفلسطيني، خاصة بعد أن اتخذت مدريد خطوات جريئة تمثلت في الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، والدعوة العلنية لوقف الحرب على غزة، إلى جانب المشاركة الفاعلة في الجهود الأوروبية والدولية لدعم حل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

هذه التحركات السياسية عززت مكانة إسبانيا كدولة أوروبية تتبنى موقفًا تاريخيًا داعمًا للحقوق الفلسطينية، لكنها في الوقت ذاته فجرت خلافات داخلية حادة، إذ وجد الائتلاف الحاكم نفسه في مواجهة معارضة قوية من الأحزاب اليمينية والمحافظة التي تتهم الحكومة بتسييس الملف الفلسطيني واستخدامه كورقة ضغط لتحقيق مكاسب شعبية أو إضعاف خصومها السياسيين[4]. وبينما يحظى موقف الحكومة بدعم واسع داخل تحالفها، خاصة من الأحزاب اليسارية والإقليمية، إلا أن الحزب الشعبي المعارض منقسم بين تيار يدعم إسرائيل بشكل كامل وتيار آخر ينتقد سياساتها العسكرية في غزة ويدعو لوقف الحرب وإدخال المساعدات الإنسانية للقطاع.

وفي هذا السياق، كثفت الحكومة الإسبانية من تحركاتها الدبلوماسية، إذ استضافت مدريد مؤتمرات دولية موسعة جمعت وزراء من دول عربية وأوروبية وإسلامية، بهدف الضغط على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في غزة والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود، كما طرحت مشروع قرار أمام الأمم المتحدة لتكليف محكمة العدل الدولية بالضغط على إسرائيل في هذا الشأن. لكن هذه الجهود تصطدم بمعارضة إسرائيلية شديدة ورفض من بعض القوى الدولية، ما يعمق من الجدل داخل الساحة الإسبانية حول فعالية وتأثير هذه السياسات على مكانة إسبانيا الدولية وعلاقاتها مع شركائها الغربيين.

ورغم أن القضية الفلسطينية تاريخيًا تحظى بتعاطف كبير في الأوساط السياسية والشعبية الإسبانية، إلا أن التطورات الأخيرة حولت هذا الملف إلى ساحة مواجهة داخلية ساخنة، حيث يسعى كل طرف لاستثماره في معاركه السياسية، سواء لكسب التأييد الشعبي أو لإحراج الخصوم. وبينما تواصل الحكومة التأكيد على التزامها بمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان وضرورة إيجاد حل عادل للصراع، تبقى القضية الفلسطينية عاملًا مؤثرًا في إعادة رسم خريطة التحالفات والانقسامات داخل المشهد السياسي الإسباني، في ظل استمرار الحرب في غزة وتداعياتها الإنسانية والسياسية على المنطقة والعالم.

AddThis Website Tools
admin

Recent Posts

زيلينسكي يحذر من اتخاذ أي قرار بشأن أوكرانيا دون مشاركتها قبيل اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين

أطلق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تحذيراً شديد اللهجة تجاه المجتمع الدولي والجهات الفاعلة في السياسة…

20 ساعة ago

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان يعبران عن رفضهما لقرار إسرائيل إعادة احتلال قطاع غزة الكامل

في إطار التنسيق المستمر بين الدول الإقليمية لمواجهة التطورات الحادة في منطقة الشرق الأوسط، أبدى…

20 ساعة ago

بعد 22 شهراً من الحرب.. الكارثة الصحية والإنسانية في قطاع غزة

تتفاقم إلى مستويات غير مسبوقةمر أكثر من اثنين وعشرين شهراً على اندلاع الحرب التي اجتاحت…

20 ساعة ago

مستوطنون إسرائيليون يطلقون الرصاص الحي على فلسطينيين ويقطعون أشجار الزيتون في شمال الضفة الغربية المحتلة

شهدت الأراضي الفلسطينية شمالي الضفة الغربية المحتلة تصعيداً جديداً في اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين الذين أطلقوا…

20 ساعة ago

الجيش اللبناني يعلن مقتل ستة من جنوده وإصابة آخرين خلال عملية تفكيك مخزن ذخائر غير منفجرة جنوب البلاد داخل منشأة تابعة لحزب الله

أعلنت قيادة الجيش اللبناني عن وقوع خسائر فادحة في صفوف قواتها خلال مهمة إنفاذ سلامة…

20 ساعة ago

المبعوث الروسي لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف يتوقع جهوداً جبارة من بعض الدول لعرقلة الاجتماع المرتقب بين الرئيسين الأميركي والروسي

أعلن المبعوث الروسي لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف أن هناك توقعات قوية بأن بعض الدول ستبذل…

20 ساعة ago