اخبار العرب من المحيط للخليج

في خطاب جديد يعكس الطموحات الإسرائيلية ومخاوف المنطقة، أعاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تكرار طرحه لفكرة “تغيير وجه الشرق الأوسط”، وهو التعبير الذي بات يتردد كثيرًا في الآونة الأخيرة، في ظل تصاعد الصراعات التي تشهدها المنطقة. هذا الحديث لم يأتِ من فراغ، بل جاء متزامنًا مع سلسلة من الأحداث العسكرية والاضطرابات السياسية التي انطلقت من الحرب المستمرة في قطاع غزة، وامتدت إلى الساحة اللبنانية واليمنية، لتصل مؤخرًا إلى عمق الأراضي الإيرانية.

نتنياهو يرى في هذه المواجهات المتتالية فرصة لإعادة تشكيل النظام الإقليمي وفق الرؤية الإسرائيلية، وهي رؤية تقوم على تحجيم قوى المقاومة في المنطقة، وتوجيه ضربات استراتيجية للبنية العسكرية والإيديولوجية التي تستند إليها هذه القوى، سواء في غزة أو في جنوب لبنان أو حتى في مواقع نفوذ طهران. وبرأي المراقبين، فإن تكرار استخدام مصطلح “تغيير وجه الشرق الأوسط” لا يعكس فقط خطابًا إعلاميًا أو سياسيًا، بل يكشف عن تصور طويل المدى تسعى إسرائيل لتنفيذه عمليًا من خلال أدوات عسكرية، وتحالفات دولية، وتحركات استخباراتية ميدانية.

الحرب على غزة مثلت نقطة البداية في هذا المسار، حيث شنت إسرائيل واحدة من أعنف عملياتها العسكرية، تلاها تصعيد متواصل مع حزب الله في لبنان، وهجمات أو دعم ضمني لتحركات تستهدف الحوثيين في اليمن، وأخيرًا جاءت المؤشرات على استهداف مواقع حيوية في إيران، سواء بشكل مباشر أو عبر أدوات إقليمية متحالفة مع إسرائيل. كل هذه التحركات تندرج تحت ما يمكن وصفه بإستراتيجية جديدة تتجاوز المواجهة العسكرية المحدودة، لتصل إلى محاولة إعادة صياغة التوازنات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.

لكن يبقى السؤال الأهم: هل هذه التحركات تمثل بالفعل تحولًا إستراتيجيًا جذريًا؟ وهل تستطيع إسرائيل، رغم قوتها العسكرية والدعم الدولي الذي تحظى به، فرض رؤيتها الجديدة على منطقة تموج بالتعقيدات، وتضم قوى متباينة ذات حسابات متضادة؟ الإجابة ليست واضحة حتى الآن، لكنها حتمًا ستتحدد بناءً على تطورات الأسابيع القادمة، وعلى كيفية تفاعل القوى الإقليمية والدولية مع هذا المسار الذي قد يعيد فعلاً رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد، أو قد يدفع المنطقة نحو مزيد من الفوضى والانفجارات غير المحسوبة.