اخبار العرب من المحيط للخليج

يعيش ملايين الحجاج في هذه اللحظات أعظم مناسك الحج، حيث يواصلون النفرة من صعيد عرفات الطاهر إلى مشعر مزدلفة، في مشهد روحاني يجسد وحدة المسلمين من مختلف بقاع الأرض وهم يؤدون الركن الأعظم من أركان الحج. ومع غروب شمس يوم عرفة، بدأت أفواج الحجيج بالتحرك بهدوء ونظام من عرفات، بعد أن أمضوا يومهم في الدعاء والتضرع إلى الله وملأوا الأجواء بآيات الذكر والتلبية، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل منهم حجهم ويغفر ذنوبهم.

وتشهد الطرق المؤدية إلى مزدلفة انسيابية كبيرة في حركة الحافلات والمشاة، وسط تنظيم دقيق وإشراف كامل من الجهات المختصة التي سخرت كل إمكانياتها لخدمة ضيوف الرحمن وضمان سلامتهم. وقد انتشرت فرق الأمن والدفاع المدني والإسعاف على طول الطرق لتقديم الدعم والمساعدة للحجاج، والتأكد من وصولهم إلى مزدلفة بكل يسر وسهولة، خاصة مع الأعداد الكبيرة التي تشارك في هذا الموسم المبارك.

وفي مزدلفة، يؤدي الحجاج صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا، ثم يبدأون في جمع الجمرات استعدادًا ليوم النحر ورمي جمرة العقبة الكبرى. ويحرص الجميع على اغتنام هذه الساعات المباركة في الذكر والدعاء، شاكرين الله على أن بلغهم هذه اللحظات الإيمانية الفريدة التي ينتظرها المسلمون بشوق طوال حياتهم. وتتميز الأجواء في مزدلفة بالسكينة والهدوء، حيث يفترش الحجاج الأرض ويلتحفون السماء، في مشهد يعكس التواضع والخضوع لله، ويجسد معاني المساواة بين البشر دون تفرقة أو تمييز.

وتواصل الجهات السعودية المختصة جهودها لضمان راحة الحجاج، حيث تم توفير جميع الخدمات الصحية والغذائية والمياه، إلى جانب حملات التوعية والإرشاد التي تساعد الحجاج على أداء مناسكهم بشكل صحيح وآمن. كما تم تجهيز الطرق والمرافق العامة في مزدلفة لاستقبال الحشود الكبيرة، مع التركيز على تطبيق أعلى معايير السلامة والإجراءات الاحترازية للحفاظ على صحة الجميع.

وتبقى النفرة من عرفات إلى مزدلفة لحظة فارقة في رحلة الحج، إذ يشعر الحاج فيها بقربه من الله وبتحقق أمنياته وتطلعاته الروحية، وسط دعوات متواصلة بأن يعم الأمن والسلام على الأمة الإسلامية، وأن يعود الحجاج إلى ديارهم وقد غفرت ذنوبهم وتحققت أمنياتهم. ومع استمرار تدفق الحجاج إلى مزدلفة، تتجدد مشاعر الإيمان والطمأنينة في القلوب، في انتظار إكمال بقية المناسك في أيام التشريق، ليعود كل حاج محملاً بذكريات لا تنسى من هذه الرحلة المباركة.