اخبار العرب من المحيط للخليج

تشهد العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل حالة من التوتر والتدهور الملحوظ في الآونة الأخيرة، حيث بدأت واشنطن باتخاذ إجراءات سياسية واستراتيجية تؤثر بشكل مباشر على الحلفاء التقليديين للاحتلال داخل إسرائيل. ويشير هذا التطور إلى تحول في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة، يعكس رغبة الإدارة الأمريكية في إعادة تقييم تحالفاتها وتوازناتها بما يتماشى مع مصالحها الجديدة وتحدياتها الإقليمية والدولية. وفي هذا السياق، يوضح الدكتور عماد البشتاوي، أستاذ العلوم السياسية، أن هناك عوامل متعددة ساهمت في هذا التدهور، منها الخلافات على السياسات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، والضغوط الدولية المتزايدة على إسرائيل بشأن الاستيطان وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى التغيرات في المشهد السياسي الإسرائيلي نفسه.

ويشير البشتاوي إلى أن واشنطن بدأت في إضعاف نفوذ بعض القوى السياسية داخل إسرائيل التي كانت تعتبرها حلفاءها الأساسيين، وذلك من خلال دعم أطراف أخرى أو إعادة توجيه السياسات الأمريكية بما يقلل من تأثير هذه الجماعات. ويعكس هذا التوجه رغبة أمريكية في فرض مزيد من الضوابط على التحركات الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالأنشطة الاستيطانية والعمليات العسكرية في الأراضي الفلسطينية، وهو ما أثار ردود فعل متباينة داخل الأوساط السياسية الإسرائيلية، بين مؤيد ومعارض لهذه التغيرات.

كما يلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن هذه التحولات ليست مجرد قضايا داخلية بين واشنطن وتل أبيب، بل لها أبعاد إقليمية ودولية، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى إعادة ترتيب أوراقها في الشرق الأوسط بما يحقق توازنات جديدة ويحد من التوترات المتصاعدة. وتأتي هذه الخطوات في ظل محاولات أمريكية لتعزيز فرص السلام والتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، رغم الصعوبات الكبيرة التي تواجه هذه العملية، والتي تتطلب تضحيات سياسية من جميع الأطراف.

ويؤكد الدكتور البشتاوي أن تدهور العلاقات بين واشنطن وتل أبيب قد يؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات الإقليمية، حيث قد تلجأ إسرائيل إلى البحث عن دعم دولي بديل أو تعزيز علاقاتها مع قوى إقليمية أخرى، في حين تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على نفوذها من خلال سياسات أكثر حذراً ومرونة. ويضيف أن هذه المرحلة تتطلب مراقبة دقيقة لما ستسفر عنه التطورات القادمة، خاصة مع وجود ملفات حساسة مثل الاتفاق النووي الإيراني، وقضايا الأمن الإقليمي، التي تلعب دوراً محورياً في تحديد ملامح العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.

وفي الختام، يشير البشتاوي إلى أن هذه التحولات تعكس واقعاً جديداً في السياسة الدولية، حيث لم تعد العلاقات بين الدول تعتمد فقط على التحالفات التقليدية، بل أصبحت تتأثر بشكل أكبر بالمصالح المتغيرة والتوازنات الإقليمية والدولية، مما يجعل من الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب لفهم مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وتأثيرها على السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.