اخبار العرب من المحيط للخليج

أعلنت وزارة الخارجية الأفغانية أن روسيا وافقت رسمياً على ترشيح حكومة طالبان لسفير جديد لها في موسكو، في خطوة تعكس تقدماً واضحاً في العلاقات بين البلدين رغم استمرار العقوبات الدولية المفروضة عليهما. وأوضحت الوزارة أن هذه الموافقة جاءت بعد مشاورات دبلوماسية رفيعة المستوى، وأن السفير الجديد سيباشر مهامه قريباً، ليكون أول ممثل رسمي لطالبان يحظى باعتراف دبلوماسي بهذا المستوى في عاصمة كبرى مثل موسكو منذ سيطرة الحركة على الحكم في أفغانستان.

وتأتي هذه الخطوة في ظل تطور ملحوظ في العلاقات الاقتصادية والسياسية بين روسيا وأفغانستان، حيث يسعى البلدان إلى تعزيز التعاون في مجالات التجارة والطاقة والاستثمار، في محاولة لتجاوز القيود التي فرضتها العقوبات الغربية عليهما. وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن موسكو تنظر إلى التعاون مع طالبان كفرصة لتعزيز نفوذها في آسيا الوسطى، وضمان الاستقرار على حدودها الجنوبية، في حين ترى طالبان في روسيا شريكاً اقتصادياً وسياسياً يمكنه المساهمة في فك العزلة الدولية المفروضة عليها.

وقد شهدت الأشهر الأخيرة زيارات متبادلة بين مسؤولين من الجانبين، تم خلالها بحث سبل توسيع التعاون في مجالات عدة، من بينها تصدير المنتجات الزراعية والطاقة، وتسهيل حركة رجال الأعمال والاستثمارات، إضافة إلى التنسيق الأمني لمواجهة التهديدات المشتركة مثل الإرهاب وتهريب المخدرات. كما أبدت روسيا استعدادها لدعم مشاريع إعادة الإعمار في أفغانستان، وتقديم المساعدات الإنسانية، مع التأكيد على ضرورة استقرار الأوضاع الداخلية واحترام حقوق جميع مكونات الشعب الأفغاني.

ويرى مراقبون أن موافقة موسكو على اعتماد سفير لطالبان لديها تمثل خطوة دبلوماسية مهمة قد تفتح الباب أمام مزيد من الاعتراف الدولي بالحكومة الأفغانية الجديدة، أو على الأقل تسهم في تعزيز شرعيتها على المستوى الإقليمي. كما تعكس هذه الخطوة براغماتية السياسة الروسية في التعامل مع الواقع الجديد في أفغانستان، خاصة في ظل التغيرات الجيوسياسية والتحديات الاقتصادية التي تواجهها موسكو بعد العقوبات الغربية الأخيرة.

في المقابل، تثير هذه التطورات قلق بعض الأطراف الدولية التي ترى في التقارب الروسي-الأفغاني تحدياً للسياسات الغربية الهادفة إلى عزل طالبان، وتخشى من أن يؤدي هذا الاعتراف الضمني إلى تشجيع دول أخرى على اتخاذ خطوات مماثلة، مما قد يعقد الجهود الدولية الرامية إلى الضغط على طالبان لتغيير سياساتها الداخلية.