اخبار العرب من المحيط للخليج

في خطوة لافتة تعكس سعيه لتعزيز العلاقات مع الجهات الإنسانية العاملة في مناطق نفوذه، التقى زعيم “هيئة تحرير الشام” أبو محمد الجولاني بوفد يضم عددًا من العاملين في المنظمات الإنسانية والإغاثية الفاعلة في مدينة حلب ومحيطها. الاجتماع، الذي حظي باهتمام لافت في الأوساط المحلية، جاء في إطار محاولات الهيئة لتقديم نفسها بصورة أكثر انفتاحًا تجاه المنظمات المدنية والإنسانية، خاصة في ظل الانتقادات المستمرة لطبيعة تعاملها مع هذه الكيانات خلال السنوات الماضية.

وخلال اللقاء، تبادل الطرفان وجهات النظر حول التحديات التي تواجه العمل الإنساني في المناطق الخاضعة لسيطرة الهيئة، خصوصًا ما يتعلق بالعوائق اللوجستية والإدارية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بتنسيق الجهود الميدانية، وضمان وصول المساعدات إلى الشرائح الأكثر تضررًا من السكان. كما شدد الجولاني، في كلمته أمام الوفد، على أهمية ما وصفه بـ”الدور الحيوي” الذي تلعبه المنظمات الإنسانية في تخفيف معاناة المدنيين، مؤكدًا استعداد الهيئة للتعاون مع تلك المنظمات ضمن ما أسماه بـ”الضوابط الشرعية والتنظيمية” التي تحرص الهيئة على تطبيقها في مناطقها.

ويُنظر إلى هذا اللقاء على أنه جزء من تحركات سياسية وإعلامية أوسع تسعى “هيئة تحرير الشام” من خلالها إلى تحسين صورتها أمام المجتمع المحلي والدولي، في ظل الضغوط السياسية المتزايدة، ومحاولات بعض الأطراف فصل العمل الإغاثي عن التجاذبات العسكرية والسياسية في الشمال السوري. كما يأتي اللقاء في وقت يشهد فيه الوضع الإنساني في حلب تفاقمًا كبيرًا، وسط شح الموارد، وازدياد أعداد المحتاجين، ما يجعل التنسيق بين الجهات المسيطرة والمنظمات الإنسانية أمرًا ضروريًا لضمان استمرارية العمل الإغاثي، وفق ما يرى العديد من المتابعين.

وبالرغم من حساسية العلاقة بين الفصائل المسلحة والمنظمات غير الحكومية، فإن هذا الاجتماع قد يمثل بداية لمرحلة جديدة من التواصل، خاصة إذا ما تبعته خطوات عملية على الأرض تُترجم إلى تسهيلات حقيقية وتحسن في بيئة العمل الميداني، بعيدًا عن التعقيدات الأمنية والسياسية التي طالما عطّلت الكثير من المبادرات الإنسانية في شمال غرب سوريا.