اخبار العرب من المحيط للخليج

قصة أم تواجه جثامين أطفالها في غرفة الطوارئ  في أروقة غرفة الطوارئ التي اعتادت أن تكون مسرحاً لمنح الحياة وإنقاذ الأرواح، دخلت الطبيبة آلاء النجار، ليس كمنقذة فقط، بل كأم مكلومة تواجه أصعب وأقسى مشهد يمكن أن يراه إنسان، مشهد جثث أطفالها بين يدي زملائها من الطاقم الطبي. آلاء التي قضت سنوات طويلة في مهنة الطب، تعلم جيداً كيف تتعامل مع الألم والمعاناة، لكنها لم تكن مستعدة أبداً لمواجهة هذه الحقيقة المؤلمة التي قلبت حياتها رأساً على عقب.

في تلك اللحظات الصعبة، كانت آلاء تعيش حالة من الصدمة والوجع العميق، حيث لم تعد غرفة الطوارئ مكاناً للشفاء أو الأمل فقط، بل تحولت إلى مكان يختلط فيه الألم الشخصي بالمأساة الجماعية. جثامين أطفالها، التي وصلت إلى المستشفى بعد هجمات عنيفة، كانت أشلاء متفحمة، لا تشبه الأطفال الذين عرفتهم وعاشت معهم أجمل لحظات حياتها. هذا المشهد القاسي جعلها تواجه واقعاً مريراً، حيث فقدت جزءاً من روحها مع كل طفل فقدته، ومع كل دمعة ذرفتها في صمت.

آلاء لم تكن وحدها في هذه المعاناة، فقد شاركها زملاؤها في المستشفى تلك اللحظات الصعبة، وهم يحاولون تأدية واجبهم المهني وسط هذه الظروف القاسية، لكن الألم كان يزداد مع كل حالة وفاة جديدة، خاصة عندما تكون الضحايا أطفالاً أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم عاشوا في منطقة تعصف بها الحروب والصراعات. الطبيبة التي كانت تنقذ الأرواح، وجدت نفسها أمام مأساة شخصية وإنسانية لا يمكن وصفها بالكلمات، حيث تداخلت مشاعر الحزن والخوف واليأس مع واجبها المهني.

هذه القصة تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الأطباء والعاملون في المجال الصحي في مناطق النزاعات، حيث يصبحون شهوداً على مأساة لا تنتهي، ويضطرون إلى مواجهة واقع مؤلم يتجاوز حدود العمل الطبي ليصل إلى القلب والوجدان. آلاء النجار تمثل صورة الأم والطبيبة في آن واحد، التي تحمل على عاتقها مسؤولية إنقاذ حياة الآخرين، بينما تحاول أن تجد القوة لمواجهة فقدان أطفالها، وسط عالم يزداد فيه العنف والدمار يوماً بعد يوم.

في النهاية، تبقى قصة آلاء النجار شاهداً حياً على الألم الإنساني الذي لا يمكن أن تخفيه مهنة أو وظيفة، وعلى قوة الإنسان في مواجهة المحن، حتى وإن كان الثمن هو فقدان أغلى ما يملك. هذه القصة تذكرنا جميعاً بمدى هشاشة الحياة وأهمية السلام والأمان، خصوصاً للأطفال الذين هم أمل المستقبل وروح الحياة.