اخبار العرب من المحيط للخليج

شهدت الساحة السياسية الدولية تصعيدًا مفاجئًا في العلاقات بين بريطانيا وإسرائيل، على خلفية التوترات المتصاعدة في قطاع غزة، والقلق المتنامي في الأوساط الغربية من نوايا الحكومة الإسرائيلية بشأن توسيع رقعة العمليات العسكرية في القطاع. فقد دخلت لندن على خط الأزمة بشكل لافت، حيث عبّرت الحكومة البريطانية عن رفضها لأي تحركات إسرائيلية قد تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، أو توسيع نطاق الحرب لتشمل مناطق أوسع من القطاع المحاصر، وهو ما اعتُبر من قبل تل أبيب تدخلاً في سياستها العسكرية وشؤونها الداخلية.

وجاء الموقف البريطاني متزامنًا مع تحذيرات دولية متزايدة من خطورة استمرار التصعيد في غزة، حيث أعربت الحكومة البريطانية، عبر قنوات دبلوماسية، عن قلقها العميق من أن تؤدي أي عمليات عسكرية إسرائيلية إضافية إلى مزيد من الانهيار الإنساني في القطاع، وإلى تهديد الاستقرار الإقليمي برمّته. كما طالبت لندن بضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وحماية المدنيين، وفتح ممرات آمنة للمساعدات، وهو ما قوبل برد فعل غاضب من الجانب الإسرائيلي، الذي اتهم بعض الدول الغربية، ومن ضمنها بريطانيا، بانتهاج مواقف منحازة وغير واقعية تجاه طبيعة الصراع على الأرض.

وتعيش العلاقات بين الجانبين حالة من التوتر الدبلوماسي، لا سيما مع تزايد الضغط داخل الأوساط السياسية البريطانية، سواء من قبل أعضاء البرلمان أو من قبل منظمات المجتمع المدني، لاتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه ما يجري في غزة. كما يتصاعد الجدل داخل المملكة المتحدة بشأن صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، واحترام حقوق الإنسان في ظل الحرب المستمرة.

ويرى مراقبون أن هذا التوتر البريطاني الإسرائيلي يأتي في وقت حساس للغاية، خاصة مع تعقّد المشهد السياسي في المنطقة، وفشل المجتمع الدولي حتى الآن في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار أو تسوية شاملة للصراع. ويخشى كثيرون من أن يؤدي غياب التفاهمات الدولية إلى انزلاق الأوضاع نحو مزيد من العنف، في حين تحاول بريطانيا، بحسب تصريحات مسؤولين فيها، أن تلعب دورًا دبلوماسيًا نشطًا للضغط من أجل التهدئة، مع الحفاظ في الوقت نفسه على توازن مصالحها في المنطقة.

وتعد هذه المواجهة الدبلوماسية واحدة من أبرز مؤشرات الانقسام الدولي المتزايد بشأن الحرب في غزة، والتي باتت تضع الحلفاء التقليديين في مواقف متباينة، ما يعكس حجم التعقيد الذي يلف الأزمة، ويطرح تساؤلات حول قدرة المجتمع الدولي على احتوائها قبل أن تتفاقم بشكل أكبر.