اخبار العرب من المحيط للخليج

في حوار موسع، تحدث الرئيس التونسي الأسبق والمعارض السياسي المعروف الدكتور منصف المرزوقي عن الأوضاع السياسية والاجتماعية التي تمر بها تونس، معتبراً أن ما وصفه بـ«الثورة المضادة» يعيش أيامه الأخيرة. وأكد المرزوقي أن النخبة السياسية الحالية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن التدهور الذي وصلت إليه البلاد، مشدداً على أن الفشل في تحقيق تطلعات الشعب التونسي يعود إلى أخطاء هذه النخبة في إدارة الشأن العام وعدم الاستجابة لمطالب التغيير الحقيقي.

وأشار المرزوقي إلى أن الأزمة التي تعيشها تونس ليست مجرد صراع بين أطراف سياسية، بل هي انعكاس لفشل شامل في بناء مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية والاقتصادية، مما أدى إلى تفاقم الاحتقان الشعبي وزيادة حالة عدم الثقة بين المواطنين والنخب الحاكمة. ورأى أن استمرار هذه الحالة يهدد مستقبل الديمقراطية في البلاد، داعياً إلى ضرورة إعادة النظر في السياسات المتبعة والعمل على إصلاحات جذرية تستجيب لتطلعات الشعب وتحمي مكتسباته.

كما تناول المرزوقي في حديثه أهمية دور المجتمع المدني والقوى السياسية الحقيقية في مواجهة ما وصفه بمحاولات العودة إلى الوراء ومحاولات إجهاض الثورة التي انطلقت قبل أكثر من عقد. وأكد أن الشعب التونسي ما زال متمسكاً بأهداف الثورة وقيمها، وأنه سيواصل النضال من أجل استعادة المسار الديمقراطي وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية. وأوضح أن المرحلة القادمة تتطلب وحدة وطنية حقيقية وتجاوز الخلافات الضيقة، مع التركيز على بناء مؤسسات قوية وشفافة تعزز من حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص.

وشدد المرزوقي على أن الحلول لا يمكن أن تأتي من الخارج أو من خلال سياسات القمع، بل يجب أن تنبع من إرادة الشعب نفسه ومن حوار وطني شامل يضم جميع الأطراف. كما دعا إلى احترام الحريات الأساسية ورفع القيود عن العمل السياسي والإعلامي، وفتح المجال أمام الشباب والنساء للمشاركة الفاعلة في الحياة العامة، باعتبارهم الركيزة الأساسية لأي مستقبل واعد. وأكد أن تونس تمتلك الإمكانيات والطاقات التي تمكنها من تجاوز أزمتها الراهنة إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية والالتزام بمبادئ الديمقراطية.

في ختام حديثه، عبر المرزوقي عن تفاؤله بمستقبل تونس، معتبراً أن التحديات الراهنة هي فرص لإعادة بناء الدولة على أسس ديمقراطية عادلة، وأن الثورة المضادة التي تحاول إعاقة هذا المسار ستزول قريباً بفضل وعي الشعب وإصراره على التغيير. ودعا الجميع إلى العمل المشترك من أجل تونس جديدة تضمن الحرية والكرامة لكل مواطن، وتحقق التنمية المستدامة التي طال انتظارها.