اخبار العرب من المحيط للخليج

في واقعة مثيرة تحمل في طياتها عبق التاريخ وأسرار الحضارات القديمة، شهدت إحدى المناطق في تونس اكتشافًا أثريًا غير متوقع أثناء تنفيذ أعمال بناء مستشفى جديد، حيث قادت الصدفة العمال إلى العثور على مقبرة أثرية تعود إلى حقبة تاريخية قديمة، مما دفع السلطات المختصة إلى التدخل الفوري لحماية الموقع وإجراء الدراسات اللازمة للكشف عن تفاصيل هذا الاكتشاف الفريد.

بدأت القصة عندما كان فريق من العمال يقومون بأعمال الحفر والتهيئة لإنشاء المستشفى، ليصطدموا ببقايا هياكل حجرية وأدوات قديمة مدفونة تحت الأرض، ما أثار فضولهم ودفعهم إلى إبلاغ الجهات المختصة. فور تلقي البلاغ، توجه فريق من علماء الآثار إلى الموقع، حيث قاموا بإجراء الفحوصات الأولية التي أكدت أن هذه البقايا تعود إلى فترة تاريخية قديمة، ربما إلى العصر القرطاجي أو الروماني، وهو ما يفتح الباب أمام اكتشافات جديدة قد تسهم في إعادة رسم ملامح التاريخ في تلك المنطقة.

المقبرة المكتشفة تحتوي على مجموعة من الهياكل العظمية، بالإضافة إلى قطع أثرية متنوعة، مثل الأواني الفخارية، الحلي، والأسلحة القديمة، والتي تعكس طبيعة الحياة في تلك الحقبة الزمنية. كما أظهرت الفحوصات الأولية أن طريقة الدفن المستخدمة في هذه المقبرة تتماشى مع الطقوس الجنائزية التي كانت سائدة في العصور القديمة، حيث تم العثور على بعض الرموز والنقوش التي قد تحمل دلالات دينية أو ثقافية، مما يجعل هذا الاكتشاف ذا أهمية كبيرة في دراسة تاريخ المنطقة.

من جهتها، أكدت وزارة الثقافة التونسية أنها ستعمل على حماية الموقع وضمان استكمال عمليات التنقيب وفقًا للمعايير العلمية المعتمدة، حيث سيتم نقل القطع الأثرية إلى المختبرات المختصة لإجراء التحليلات اللازمة، بهدف تحديد الفترة الزمنية الدقيقة التي تعود إليها هذه المقبرة، ومعرفة المزيد عن طبيعة المجتمع الذي كان يعيش في تلك المنطقة خلال تلك الحقبة.

هذا الاكتشاف يسلط الضوء على أهمية الحفاظ على المواقع الأثرية وحمايتها من الاندثار، حيث أن تونس، بفضل تاريخها العريق، تزخر بالعديد من الكنوز الأثرية التي لم يتم الكشف عنها بعد، مما يجعل كل اكتشاف جديد بمثابة نافذة تفتح على الماضي، وتساعد الباحثين على فهم أعمق للحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض.

ومع استمرار عمليات التنقيب والدراسة، يتوقع أن يكشف هذا الموقع عن المزيد من الأسرار التي قد تغير بعض المفاهيم التاريخية حول المنطقة، مما يعزز من مكانة تونس كواحدة من الدول الغنية بالتراث الأثري، ويدفع نحو مزيد من الاهتمام بالبحث العلمي في مجال الآثار، لضمان الحفاظ على هذا الإرث الثقافي للأجيال القادمة.