اخبار العرب من المحيط للخليج

في ظل الصدمة التي خلفتها جريمة قتل الشاب المسلم من أصول مالية، أبو بكر سيسي، على يد متطرف فرنسي داخل مسجد في جنوب فرنسا، خرج الكاتب والأكاديمي المغربي حسن أوريد بتحليل معمق لأسباب تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في المجتمع الفرنسي، مشدداً على أن هذه الظاهرة لم تعد مجرد حالة فردية بل أصبحت أزمة اجتماعية وسياسية تهدد النسيج الوطني الفرنسي. في مقاله المنشور على الجزيرة نت، أوضح أوريد أن تصاعد هذه الظاهرة مرتبط بعدة عوامل تاريخية واجتماعية وثقافية، منها التوترات المتزايدة بين الجماعات الدينية المختلفة، وسياسات اليمين المتطرف، إضافة إلى ضعف السياسات الحكومية في مواجهة خطاب الكراهية والتطرف.

وأشار أوريد إلى أن جريمة قتل أبو بكر سيسي، الذي كان يؤدي عمله التطوعي في تنظيف المسجد الذي استهدفه، لم تكن حادثة معزولة، بل تعبر عن حالة من العداء المتزايد تجاه المسلمين في فرنسا، حيث تتصاعد الاعتداءات العنصرية والتحريض الإعلامي ضدهم بشكل مستمر، مما يفاقم من شعور التهميش والتمييز. كما أكد أن هذه الظاهرة لا تضر فقط بالمسلمين، بل تهدد القيم الجمهورية الفرنسية نفسها، مثل المساواة والحرية والتعايش السلمي، وتؤدي إلى انقسامات عميقة داخل المجتمع.

وفي تحليله، دعا أوريد الفرنسيين إلى مواجهة هذه الظاهرة بجرأة وصدق، مشيراً إلى ضرورة تبني سياسات شاملة تعزز من التفاهم بين الثقافات والأديان، وتكافح خطاب الكراهية والعنف بكل أشكاله. كما شدد على أهمية تعزيز التعليم والتربية على قيم التسامح والاحترام المتبادل، إلى جانب ضرورة محاسبة المتطرفين والمروجين للكراهية عبر القانون، لضمان أمن وسلامة جميع المواطنين. وأكد أن تجاوز مخاطر الإسلاموفوبيا يتطلب تعاوناً مجتمعياً واسعاً يشمل السلطات، والمؤسسات المدنية، والمجتمع المدني، فضلاً عن الإعلام الذي يجب أن يلعب دوراً بناءً في نشر ثقافة الحوار والتعايش.

واختتم أوريد مقاله بالتأكيد على أن مواجهة الإسلاموفوبيا ليست مهمة المسلمين وحدهم، بل هي مسؤولية مشتركة لكل الفرنسيين الذين يرغبون في الحفاظ على وحدة وطنهم وقيمه الديمقراطية، مشدداً على أن فرنسا بحاجة إلى استعادة روح الجمهورية التي تحتضن الجميع دون تمييز، وتوفر بيئة آمنة لكل مواطنيها بغض النظر عن خلفياتهم الدينية أو العرقية. هذه الدعوة تأتي في وقت تشهد فيه فرنسا موجة من التوترات الاجتماعية التي تتطلب حلولاً جذرية وعادلة للحفاظ على السلم الأهلي والتماسك الوطني.