اخبار العرب من المحيط للخليج

في خطوة مهمة تهدف إلى استعادة الأمن والاستقرار في مدينة جرمانا بريف دمشق، توصلت الحكومة السورية إلى اتفاق مع ممثلين عن المجتمع الأهلي والمحلي في المدينة، بعد أيام من اشتباكات دامية خلفت خسائر بشرية كبيرة وأثارت توتراً طائفياً ومجتمعياً عميقاً. جاء هذا الاتفاق نتيجة لقاءات ومفاوضات مطولة شارك فيها مشايخ ووجهاء من الطائفة الدرزية في جرمانا إلى جانب مسؤولين من محافظة ريف دمشق، حيث تم الاتفاق على مجموعة من البنود الأساسية التي تهدف إلى تهدئة النفوس ووقف التصعيد في المنطقة.

يتضمن الاتفاق التعهد بإعادة الحقوق وجبر الضرر لذوي الشهداء والضحايا الذين سقطوا خلال الأحداث، حيث تم التأكيد على ضرورة تقديم كل من تورط في الاشتباكات والهجمات إلى القضاء العادل لمحاكمته، بما يضمن تحقيق العدالة دون انتقام أو تحريض طائفي. كما نص الاتفاق على العمل الجاد للحد من التجييش الطائفي والمناطقي الذي شهدته المدينة، والذي كان من أبرز أسباب تصاعد العنف، مع التأكيد على ضرورة توضيح حقيقة ما جرى إعلامياً بشكل شفاف ومسؤول لمنع انتشار الشائعات وتأجيج الأوضاع.

بالإضافة إلى ذلك، شمل الاتفاق تأمين حركة السير بين محافظة دمشق ومحافظة السويداء، خاصة مع وجود أعداد كبيرة من الطلاب والموظفين الذين يتنقلون بين المدينتين، حيث تم تنظيم مرافقة آمنة للحافلات التي تنقلهم، بهدف ضمان سلامتهم وراحة بالهم. كما تعهدت الحكومة بالبدء الفوري في تنفيذ بنود الاتفاق، مع متابعة مستمرة من الجهات المعنية لضمان الالتزام الكامل بما تم الاتفاق عليه.

يأتي هذا الاتفاق في ظل أجواء مشحونة شهدتها جرمانا إثر انتشار تسجيل صوتي مثير للجدل نسب إلى أحد شيوخ الطائفة الدرزية، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات مسلحة استخدمت فيها أسلحة خفيفة ومتوسطة، وأسفرت عن مقتل 14 شخصاً من الطرفين بين مسلحين وأفراد من قوات الأمن. وقد أدان العديد من الفعاليات الدينية والسياسية هذه الاعتداءات، داعين إلى نبذ الفتنة والتحريض الطائفي والعمل على تحقيق عدالة انتقالية حقيقية.

يمثل هذا الاتفاق خطوة هامة نحو استعادة السلم الأهلي في جرمانا، ويعكس حرص الحكومة والمجتمع المحلي على تجاوز الأزمة من خلال الحوار والتفاهم، مع الالتزام بمحاسبة المتورطين ومنع تكرار مثل هذه الأحداث التي تهدد وحدة المجتمع وأمنه. ويأمل الجميع أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تهدئة الأوضاع وفتح صفحة جديدة من التعاون والتعايش السلمي في المدينة، بعيداً عن العنف والتوترات الطائفية التي أثرت على حياة السكان وأمنهم.