شهدت الجامعات الأمريكية خلال الفترة الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الحراك الطلابي المؤيد للقضية الفلسطينية، حيث انطلقت موجة واسعة من الاحتجاجات والتظاهرات التي طالبت بوقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ووقف الدعم الأمريكي لها. وقد بدأت هذه الاحتجاجات من جامعة كولومبيا، إحدى أعرق الجامعات في الولايات المتحدة، لتنتشر بسرعة إلى أكثر من خمسين جامعة في مختلف الولايات، ما جعلها أكبر حراك طلابي يشهده المجتمع الأكاديمي الأمريكي منذ عقود. وقد تميز هذا الحراك بانتشاره الواسع وتنوع أشكاله بين الاعتصامات، والوقفات الاحتجاجية، والندوات التثقيفية التي تهدف إلى رفع الوعي بالقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى المطالبة بقطع العلاقات الأكاديمية والمالية مع المؤسسات والشركات التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي.
في المقابل، واجهت هذه التحركات موجة من القمع والضغوط من قبل إدارات الجامعات والحكومة الأمريكية، حيث شملت الإجراءات حملات اعتقال واسعة ضد الطلاب المشاركين في التظاهرات، وتهديدات بالترحيل للطلاب الأجانب، فضلاً عن محاولة قطع التمويل عن الجمعيات الطلابية التي تنظم هذه الفعاليات. وقد اتخذت إدارة ترامب موقفاً صارماً تجاه هذا الحراك، معتبرة أن هذه الاحتجاجات تشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي، وحاولت من خلال ضغوطها على الجامعات تقليص حرية التعبير السياسي داخل الحرم الجامعي. هذا الانقسام في ردود الفعل بين الجامعات، حيث انصاعت بعضها للضغوط الحكومية بينما رفضت أخرى التدخلات، يعكس حالة التوتر والصراع الداخلي حول حرية التعبير ودعم القضية الفلسطينية في الولايات المتحدة.
وتأتي هذه الاحتجاجات في سياق تصاعد الغضب الشعبي الأمريكي تجاه استمرار الحرب على غزة، خاصة بعد الكشف عن حجم الخسائر البشرية من المدنيين، بما في ذلك النساء والأطفال، في ظل الدعم العسكري والسياسي الأمريكي المستمر لإسرائيل. ويُعتبر هذا الحراك الطلابي انعكاساً لتغير المزاج العام بين الأجيال الشابة في أمريكا، حيث باتت نسبة كبيرة من الطلاب تؤمن بضرورة إعادة النظر في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وتطالب بإنهاء الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل. كما يشارك في هذه الاحتجاجات مجموعات يهودية معارضة للصهيونية، تؤكد أن التضامن مع الفلسطينيين لا يتعارض مع رفض معاداة السامية، بل هو موقف إنساني يدعو إلى العدالة والسلام.
يطرح هذا الحراك العديد من الأسئلة حول تأثيره المحتمل على السياسة الأمريكية الداخلية والخارجية، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، حيث يجد الرئيس الحالي نفسه في موقف معقد يحاول فيه الموازنة بين دعم إسرائيل والحفاظ على قاعدة انتخابية شابة متعاطفة مع القضية الفلسطينية. كما يشير هذا الحراك إلى إمكانية أن تشكل الجامعات الأمريكية مسرحاً جديداً للصراع السياسي والاجتماعي حول القضية الفلسطينية، حيث تتنافس القوى المختلفة على فرض رؤاها وتوجهاتها، مما يفتح الباب أمام نقاشات أوسع حول حرية التعبير، والحقوق المدنية، ودور الجامعات كمراكز للتغيير الاجتماعي.
في النهاية، يبدو أن الحراك الطلابي المؤيد لفلسطين في الجامعات الأمريكية يشكل مرحلة جديدة من النضال السياسي والاجتماعي، يعكس تحولات عميقة في وعي الأجيال الجديدة، ويضع ضغوطاً متزايدة على المؤسسات السياسية والأكاديمية للتعامل مع القضية الفلسطينية بطرق أكثر عدالة وإنصافاً. ورغم محاولات القمع والتهديدات، فإن هذه الحركة مستمرة في التوسع والتأثير، مما يشير إلى أن الجامعات الأمريكية ستظل ساحة حيوية للنقاش والتغيير في المستقبل القريب.
في فجر يوم جديد يضاف إلى سجل المآسي التي يعيشها قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال…
في إطار الجهود الدبلوماسية لتعزيز العلاقات بين إسرائيل وإثيوبيا، غادر وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر،…
في حادثة أثارت قلقًا واسعًا، اندلع حريق ضخم في أحد مستودعات المواد النفطية جنوبي مدينة…
في مشهد يعكس أقسى صور المعاناة الإنسانية، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن وفاة 57…
شهدت العلاقات بين الهند وإسرائيل تحولًا جذريًا على مدار العقود الماضية، حيث انتقلت من حالة…
في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة، أعلن المتحدث باسم…