اخبار العرب من المحيط للخليج

يعود التوتر الأمريكي الإيراني إلى واجهة الأحداث الدولية مجدداً، في مشهد متكرر يعكس تعقيدات العلاقة بين البلدين التي تتأرجح بين التصعيد والتهدئة منذ أكثر من أربعة عقود. هذا التوتر التاريخي يشهد فصولاً جديدة مع كل تغير إداري في البيت الأبيض، وتطور في الملف النووي الإيراني، وتبدل في تحالفات المنطقة.

تشير التحليلات السياسية إلى أن جذور الأزمة الحالية تعود إلى عام 1979 مع قيام الثورة الإسلامية في إيران، ومن ثم أزمة الرهائن الأمريكيين في السفارة بطهران. لكن المفارقة أن العلاقات شهدت فترات من الانفراج النسبي، أبرزها أثناء توقيع الاتفاق النووي عام 2015 في عهد الرئيس أوباما، الذي ألغاه خلفه ترامب لاحقاً.

في السياق الحالي، يرى مراقبون أن التصعيد يأتي ضمن سياق أوسع يشمل عدة ملفات:

• الملف النووي والمفاوضات المتعثرة في فيينا
• النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن
• أزمة احتجاز السفن في الخليج
• الملف الصاروخي الإيراني

من جهة طهران، تؤكد القيادة الإيرانية أن سياسة “الصبر الاستراتيجي” التي انتهجتها لم تنجح في كسر العقوبات الأمريكية، مما دفعها لتبني سياسة أكثر تشدداً. بينما يصر الجانب الأمريكي على أن الضغوط القصوى هي الوسيلة الوحيدة لدفع إيران للتفاوض.

في غضون ذلك، تبرز تداعيات هذا الصراع على الساحة الإقليمية بوضوح، حيث تشهد عدة عواصم عربية حراكاً دبلوماسياً مكثفاً. ففي الوقت الذي تحاول فيه دول الخليج الحفاظ على خطوط اتصال مع طهران، تُبدي إسرائيل قلقها من أي تفاهم أمريكي إيراني قد يمس بأمنها.

يذكر أن هذا التصعيد يأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات كبرى، مع عودة السعودية وإيران لاستئناف العلاقات الدبلوماسية، وتنامي الدور الصيني في الوساطات الإقليمية، ما يطرح أسئلة حول مستقبل التحالفات التقليدية وميزان القوى في الشرق الأوسط.

وسط هذه التعقيدات، يحذر خبراء من أن استمرار سياسة التصعيد المتبادل قد يؤدي إلى مواجهة غير محسوبة العواقب، في حين يرى آخرون أن كلا الطرفين يدركان خطورة الانزلاق إلى حرب مفتوحة، مما يجعلهما يفضلان حرب الوكالة والضغوط الاقتصادية كساحة رئيسية للصراع.