لا أدري مالذي سأكتبه اليوم؟ المفترض أن أكتب عن التقنية ولا أريد أن أكرر النغمة السلبية التي لاحظت أنني أكررها في أغلب مقالاتي المنشورة مؤخراً. فبالرغم من كوني تقنياً وتخصصي العلمي تقني إلا أنني لا أدري لم أصبحت أكرر الاسطوانة السلبية من اختراق للبيانات، إلى اختراق الجينات، وغيرها من المخاوف التي قد لا تتحقق ولكن يجب أن نتحدث عنها لنوازن بين الإيجابية المفرطة والتسيب التقني المنتشر “اليومين دي”.
حاولت عصر دماغي قليلاً من أجل التفكير في نغمة إيجابية، وخطر ببالي أن أطرح فكرة “مركز الوسائط المنزلي” ولعل فكرتي مدفوعة أيضاً بأفكار “سلبية بسيطة”.
لا تحذف الفيلم
قبيل سرعات الإنترنت العالية كان امتلاك مكتبة كبيرة من الأفلام على قرصك الصلب أمراً عادياً (لا تسألوني عن مصدرها). خلال العقد الماضي ومع تحسن سرعات الانترنت، أصبح بإمكاننا تنزيل العديد من الأفلام والمسلسلات خلال ساعات بدل قضاء أيام، وأذكر في مرة من المرات أنني قضيت أسابيع في تنزيل مجموعة أفلام لأن المصدر كان بطيئاً جداً، كانت تلك هي فترة ADSL.
في 2013 وصلت الألياف الضوئية إلى الحي الذي أسكنه، وبدون أن تردد قمت بالإشتراك في الخدمة، ومع توفر سرعة عالية بدأ استهلاكي للتسلية والأفلام في التغير. في تلك الفترة لم يكن نتفلكس متوفراً في المنطقة، لذلك كنت مستمراً في تنزيل الأفلام (لا تسألوني من أين) ، ولكنني كنت أحذفها فور مشاهدتها لأنني أستطيع تنزيلها بسرعة في حالة أردت مشاهدتها مرة أخرى، وهو ترف كنت سألعنه لو رأيته قبل بعشر سنوات، فحتى لو كان الفيلم سيئاً فنحن لا نقوم بحذفه إلا للضرورة القصوى، لأن حذفه يعني أن الساعات الطوال التي قضيناها في انتظار انتهاء التنزيل لا قيمة لها.
مضت السنين، ووصل نتفلكس إلى المنطقة واشتركت فيه، وأظن أنني خلال تلك الفترة تخليت عن تنزيل الأفلام بشكل كلي، فبعد الترف و”الدلع” الذي قدمه نتفلكس لم يكن بمقدوري العودة إلى مشاهدة الأفلام والمسلسلات بالشكل القديم.
أريد ترجمة فورية، أريد أن يعرف البرنامج أين توقفت، أريده أن يعرض لي الحلقلة التالية مباشرة، وأن يسمح لي بتخطي المقدمة. العودة لمشاهدة الأفلام والمسلسلات بالطريقة القديمة كان أشبه بالعودة إلى العصور الحجرية.
الأبوة تغير الأمور
يقال أن الأبوة تدفعك للنظر للأمور بشكل مختلف، ونظرتي المختلفة لنتفلكس ويوتيوب بدأت حين بدأت ابنتي في استهلاك محتوى الخدمتين. لن أطيل الحديث والنقد فكلنا قد سمعنا وشاهدنا المحتوى السيء الذي تستطيع العثور عليه في الخدمتين، كما أن بعض الأفكار التي تطرح لا تتماشى مع القيم الذي نريد تربية أبنائنا عليها.
من هنا بدأت في التفكير في فكرة “مركز الوسائط المنزلي”.
مع أريد القيام بهو هو العودة إلى الماضي وعصر تنزيل الأفلام. ففكرتي ببساطة تتلخص في أن أقوم بتحويل استهلاك أطفالي من نتفلكس ويوتيوب إلى استهلاك منزلي يكون محدداً ومختاراً بعناية بحيث يكون خالي من الأفكار أو المشاهد الغير لائقة للأطفال.
هذا الأمر ممكن من الناحية العملية، فمن ناحية العتاد سوف تحتاج إلى جهاز كمبيوتر بمواصفات قوية، ومساحة تخزينية كبيرة، بالإضافة إلى التأكد من وصول الشبكة الداخلية لغرف المنزل المختلفة، ومن ثم تركيب برنامج مثل Plex أو Kodi الذان يسمحنا لك بإدارة مكتبة المحتوى الكبيرة الخاصة بك، والأول يوفر لك نسخة مجانية إلا أنك تحتاج إلى دفع المال من أجل الحصول على كل المميزات، أما Kodi فهو مجاني لكنه يحتاج إلى الكثير من الإعدادات والإضافات لتصل إلى النتيجة المطلوبة.
للأسف التكلفة والجهد الذين يتطلبهما الوصول إلى الاستقلال الكامل عن خدمات الفيديو يمنعاني من إكمال هذا المشروع (غالباً السعر)، كما أن لدي مشكلة “شخصية” مع شبكات الواي فاي الموجات المنشرة في كل مكان، وأفضل استخدام الأسلاك قدر الإمكان، لكنني سأؤجل الحديث عنها لمقالة “سلبية” اخرى.