دائمًا ما تُشير الشركات التقنية إلى وجود خاصيّة إلغاء الضجيج Noise Cancellation داخل سمّاعات الرأس التي تقوم بإنتاجها، وهي خاصيّة وصلت كذلك إلى الهواتف الذكية المُختلفة منذ أكثر من خمسة أعوام تقريبًا.
السمّاعات المزودة بتلك الخاصيّة تسمح للمُستخدم بالاستماع إلى الموسيقى بنقاوة عالية جدًا، فهي تعزله بشكل شبه كامل عن الوسط الخارجي للتركيز على الصوت الصادر منها فقط لا غير؛ كمثال حي، يُمكن الاستفادة منها أثناء ركوب الطائرة، فصوت المُحرّكات مرتفع جدًا، حتى بعد وضع سمّاعات الرأس يُمكن سمّاع هديرها في الأذن، ولهذا السبب يُنصح باستخدام سمّاعات مُزوّدة بهذه الخاصيّة للتخلّص من الصوت المُرتفع.
في الهواتف الذكية الأمر مختلف نوعًا ما، فهي لا تعزل المُستخدم بشكل كامل عن الوسط المُحيط لأن الهاتف يوضع على أذن واحدة، لتبقى الأذن الثانية جاهزة لاستقبال أي صوت آخر. لكن وعند عمل هذه الخاصيّة، سيشعر المستخدم بنوع من الضغط المُختلف بين الأذنين، وهذا الاختلاف يؤدي في بعض الحالات إلى الشعور بنوع من الدوار الطفيف، أو يشعر المُستخدم أن هناك إذن مفتوحة وأُخرى مُغلقة، مثلما يحصل تمامًا عند ركوب المصعد أو الطائرة.
خلف هذا المفهوم تقنية بسيطة بآلية عمل مُمتعة نوعًا ما، إذا تعمل ثلاثة عناصر معًا لتوفير هذه الخاصيّة في أي جهاز.
تبدأ الحكاية من المايكروفون الموجود على السمّاعة أو في الهواتف الذكية. وهنا يجب التنويه إلى أن الهواتف الذكية أصبحت تُزوّد بمايكروفون في الأسفل، وآخر على الوجه الخلفي لهذا الغرض تمامًا. وظيفة هذا المايكروفون هي التقاط الصوت المُحيط بالمستخدم أيًا كان ومن ثم تمريره إلى دارة إلغاء الضجيج التي قد تكون على هيئة دارة كهربائية في السمّاعات، أو على هيئة خوارزميات في الغالب داخل الهواتف الذكية.
بعد تمرير هذا الصوت إلى الأداة تبدأ العملية الحقيقية، لكن قبل الحديث عمّا يحدث هُنا دعونا نتخيّل أن موجة الصوت مثل موجة الماء من الناحية الشكلية، أي أنها مؤلّفة من مجموعة اهتزازات بحيث توجد مُرتفعات ومنخفضات بها، أعلى نقطة في المرتفع هي رأس، وأخفض نقطة هي رأس آخر.
ولو تخيّلنا أن الصوت الملتقط من المايكرفون مؤلّف من رأس في الأعلى، وآخر في الأسفل، ثم آخر في الأعلى، فإن الأداة بعد التقاط الصوت ستقوم بتكراره مع تأخير بسيط في الطور Phase لكن مع الحفاظ على نفس طول الموجة وجميع الخواص الفيزيائية الأُخرى.
الموجة التي تُكرّرها الدارة تخرج من مُكبّر الصوت مع الأغنية التي يستمع المُستخدم إليها، في حين أن صوت الضجيج يأتي من الجهة المُعاكسة، وهُنا يتجاهل دماغ الإنسان الصوت المُكرّر؛ بمعنى آخر، الدارة تُخرج ضجيج أيضًا لكننا لا نسمعه لأنه بطور مُتأخر عن طور صوت الضجيج الأساسي، وهكذا سوف تتضارب الموجتان معًا وتُغليان بعضهما البعض مُسبّبتان حالة من السكون، وبالتالي يتم التخلّص من 70٪ تقريبًا من الأصوات المُحيطة.
هناك تفاصيل تقنية أعمق، لكن ومن حيث المبدأ فإن خاصيّة إلغاء الضجيج تعمل بهذا الشكل؛ مايكرفون لالتقاط صوت الضجيج، ودارة تُكرّر ذلك الصوت مع تأخيره قليلًا، ومُكبّر يخرج الصوت المُكرّر بعكس اتجاه الصوت الأصلي ليقوم الدماغ بعدم التقاط الضجيج من الأساس.